للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والَّذِينَ ظَلَمُوا: الْمُشْرِكُونَ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَان: ١٣] وَتَقْيِيدُ اتِّبَاعِ الْهَوَى بِأَنَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ تَشْنِيعٌ لِهَذَا الِاتِّبَاعِ فَإِنَّهُ اتِّبَاعُ شَهْوَةٍ مَعَ جَهَالَةٍ، فَإِنَّ الْعَالِمَ إِذَا اتَّبَعَ الْهَوَى كَانَ مُتَحَرِّزًا مِنَ التَّوَغُّلِ فِي هَوَاهُ لِعِلْمِهِ بِفَسَادِهِ، وَلَيْسَ مَا هُنَا مُمَاثِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ [الْقَصَص: ٥٠] فِي أَنَّهُ قَيْدٌ كَاشِفٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْهَوَى لَا يَكُونُ إِلَّا مُلْتَبِسًا بِمُغَايَرَةِ هُدَى اللَّهِ.

وَالْفَاءُ فِي فَمَنْ يَهْدِي لِلتَّفْرِيعِ، أَيْ يَتَرَتَّبُ عَلَى اتِّبَاعِهِمْ أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ انْتِفَاءُ الْهُدَى عَنْهُمْ أَبَدًا. وَمن اسْمُ اسْتِفْهَامٍ إِنْكَارِيٍّ بِمَعْنَى النَّفْيِ فَيُفِيدُ عُمُومَ نَفْيِ الْهَادِي لَهُمْ، إِذِ التَّقْدِيرُ: لَا أَحَدَ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ لَا غَيْرُهُمْ وَلَا أَنْفُسُهُمْ، فَإِنَّهُمْ من عُمُوم مَا صدق فَمَنْ يَهْدِي.

وَمَعْنَى مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ: مَنْ قَدَّرَ لَهُ الضَّلَالَ وَطَبَعَ عَلَى قَلْبِهِ، فَإِسْنَادُ الْإِضْلَالِ إِلَى اللَّهِ إِسْنَادٌ لِتَكْوِينِهِ عَلَى ذَلِكَ لَا لِلْأَمْرِ بِهِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ. وَمَعْنَى انْتِفَاءُ هَادِيهِمْ: أَنَّ مَنْ يُحَاوِلُهُ لَا يَجِدُ لَهُ فِي نُفُوسِهِمْ مَسْلَكًا. ثُمَّ عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ نَفْيِ هُدَاهُمْ خَبَرٌ آخَرُ عَنْ حَالِهِمْ وَهُوَ مَا لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ الزَّاعِمِينَ أَنَّهُمْ إِذَا أَصَابُوا خَطِيئَةً عِنْدَ اللَّهِ أَنَّ الْأَصْنَامَ تَشْفَعُ لَهُمْ عِنْد الله.

[٣٠]

[سُورَة الرّوم (٣٠) : آيَة ٣٠]

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)

الْفَاءُ فَصِيحَةٌ. وَالتَّقْدِيرُ: إِذَا عَلِمْتَ أَحْوَالَ الْمُعْرِضِينَ عَنْ دَلَائِلِ الْحَقِّ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ. وَالْأَمْرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي طَلَبِ الدَّوَامِ. وَالْمَقْصُودُ: أَنْ لَا تَهْتَمَّ بِإِعْرَاضِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى

فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ [آل عمرَان: ٢٠] وَقَوْلِهِ فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ [هود