[سُورَة النَّحْل (١٦) : آيَة ١٢٨]
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)
تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى قَدْرِ الْجُرْمِ فِي الْعُقُوبَةِ، وَلِلتَّرْغِيبِ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى، وَالْعَفْوِ عَنِ الْمُعْتَدِينَ، وَلِتَخْصِيصِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ، وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِمَعُونَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِصَرْفِ الْكَدَرِ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ جَرَّاءِ أَعْمَالِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ.
عَلَّلَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِأَنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ يتّقونه فيقفون عِنْد مَا حَدَّ لَهُمْ، وَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.
وَالْمَعِيَّةُ هُنَا مَجَازٌ فِي التَّأْيِيدِ وَالنَّصْرِ.
وَأَتَى فِي جَانِبِ التَّقْوَى بِصِلَةٍ فِعْلِيَّةٍ مَاضِيَةٍ لِلْإِشَارَةِ إِلَى لُزُومِ حُصُولِهَا وَتَقَرُّرِهَا مِنْ قَبْلُ
لِأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ، لِأَن التّقوى آئلة إِلَى أَدَاءِ الْوَاجِبِ وَهُوَ حَقٌّ عَلَى الْمُكَلَّفِ. وَلِذَلِكَ أُمِرَ فِيهَا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى قَدْرِ الذَّنْبِ.
وَأَتَى فِي جَانِبِ الْإِحْسَانِ بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى كَوْنِ الْإِحْسَانِ ثَابِتًا لَهُمْ دَائِمًا مَعَهُمْ، لِأَنَّ الْإِحْسَان فَضِيلَة، فبصاحبه حَاجَةٌ إِلَى رُسُوخِهِ مِنْ نَفسه وتمكّنه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute