للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَرَبَأَتْ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ (رَبَأَ) بِالْهَمْزِ، إِذَا ارْتَفَعَ.

إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِدْمَاجٌ لِإِثْبَاتِ الْبَعْثِ فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَفَرُّدِهِ تَعَالَى بِالْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ، وَوُقُوعِهِ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي التَّفَنُّنِ وَانْتِهَازِ فُرَصِ الْهُدَى إِلَى الْحَقِّ.

وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ وَالْمُنَاسَبَةُ مُشَابَهَةُ الْإِحْيَاءَيْنِ، وَحَرْفُ التَّوْكِيدِ لِمُرَاعَاةِ إِنْكَارِ الْمُخَاطَبِينَ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى.

وَتَعْرِيفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْمَوْصُولِيَّةِ لِمَا فِي الْمَوْصُولِ مِنْ تَعْلِيلِ الْخَبَرِ، وَشُبِّهَ إِمْدَادُ الْأَرْضِ بِمَاءِ الْمَطَرِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ انْبِثَاقِ الْبُزُورِ الَّتِي فِي بَاطِنِهَا الَّتِي تَصِيرُ نَبَاتًا بِإِحْيَاءِ الْمَيِّتِ، فَأَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ أَحْياها عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ، ثُمَّ ارْتُقِيَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى جَعْلِ ذَلِكَ الَّذِي سُمِّيَ إِحْيَاءً لِأَنَّهُ شَبِيهُ الْإِحْيَاءِ دَلِيلًا عَلَى إِمْكَانِ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِطَرِيقَةِ قِيَاسِ

الشَّبَهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي الْمَنْطِقِ قِيَاسَ التَّمْثِيلِ، وَهُوَ يُفِيدُ تَقْرِيبَ الْمَقِيسِ بِالْمَقِيسِ عَلَيْهِ.

وَلَيْسَ الِاسْتِدْلَالُ بِالشَّبَهِ وَالتَّمْثِيلِ بِحُجَّةٍ قَطْعِيَّةٍ، بَلْ هُوَ إِقْنَاعِيٌّ وَلَكِنَّهُ هُنَا يَصِيرُ حُجَّةً لِأَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَضْعَفَ مِنَ الْمَقِيسِ إِذِ الْمُشَبَّهُ لَا يَبْلُغُ قُوَّةَ الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَالْمُشَبَّهُ بِهِ حَيْثُ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلِهِ إِلَّا الْخَالِقُ الَّذِي اتَّصَفَ بِالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ لِذَاتِهِ فَقَدْ تَسَاوَى فِيهِ قَوِيُّهُ وَضَعِيفُهُ، وَهُمْ كَانُوا يُحِيلُونَ إِحْيَاءَ الْأَمْوَاتِ اسْتِنَادًا لِلِاسْتِبْعَادِ الْعَادِيِّ، فَلَمَّا نُظِّرَ إِحْيَاءُ الْأَمْوَاتِ بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ الْمُشَبَّهِ تَمَّ الدَّلِيلُ الْإِقْنَاعِيُّ الْمُنَاسِبُ لِشُبْهَتِهِمُ الْإِقْنَاعِيَّةِ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا تَذْيِيلُهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

[٤٠]

[سُورَة فصلت (٤١) : آيَة ٤٠]

إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠)

إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ قُصِدَ بِهِ تَهْدِيدُ الَّذِينَ أَهْمَلُوا الِاسْتِدْلَالَ بِآيَاتِ اللَّهِ عَلَى تَوْحِيدِهِ.