للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي شَرْحِهِ عَلَى «مُشْكِلِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ» . وَجَعَلَ مِنْهُ

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ إِنْ تَدَعْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً»

عَلَى رِوَايَةِ إِنْ- بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ- دُونَ رِوَايَةِ- فتح الْهمزَة-.

[١٢٢]

[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : آيَة ١٢٢]

أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢)

الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً عَاطِفَةٌ لِجُمْلَةِ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى جُمْلَةِ: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الْأَنْعَام: ١٢٢] لِتَضَمُّنِ قَوْلِهِ: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَنَّ الْمُجَادَلَةَ، الْمَذْكُورَةَ مِنْ قَبْلُ، مُجَادَلَةٌ فِي الدِّينِ: بِتَحْسِينِ أَحْوَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَتَقْبِيحِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ الَّتِي مِنْهَا: تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ، وَتَحْرِيمُ مَا ذُكِرَ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ. فَلَمَّا حَذَّرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دَسَائِسِ أَوْلِيَاءِ الشَّيَاطِينِ وَمُجَادَلَتِهِمْ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الْأَنْعَام: ١٢١] أَعْقَبَ ذَلِكَ بِتَفْظِيعِ حَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَوَصْفِ حُسْنِ حَالَةِ الْمُسْلِمِينَ حِينَ فَارَقُوا الشِّرْكَ، فَجَاءَ بِتَمْثِيلَيْنِ لِلْحَالَتَيْنِ، وَنَفَى مُسَاوَاةَ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى: تَنْبِيهًا عَلَى سُوءِ أَحْوَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَحُسْنِ حَالِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.

وَالْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي إِنْكَارِ تَمَاثُلِ الْحَالَتَيْنِ: فَالْحَالَةُ الْأُولَى: حَالَةُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا بَعْدَ أَنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ، وَهِيَ الْمُشَبَّهَةُ بِحَالِ مَنْ كَانَ مَيِّتًا مُودَعًا فِي ظُلُمَاتٍ، فَصَارَ حَيًّا فِي نُورٍ وَاضِحٍ، وَسَارَ فِي الطَّرِيقِ الْمُوَصِلَةِ لِلْمَطْلُوبِ بَيْنَ النَّاسِ، وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:

حَالَةُ الْمُشْرِكِ وَهِيَ الْمُشَبَّهَةُ بِحَالَةِ مَنْ هُوَ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ فِي ظُلُمَاتٍ.

وَفِي الْكَلَامِ إِيجَازُ حَذْفٍ، فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، اسْتِغْنَاءً بِالْمَذْكُورِ عَنِ الْمَحْذُوفِ:

فَقَوْلُهُ: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً مَعْنَاهُ: أَحَالُ مَنْ كَانَ مَيِّتًا، أَوْ صِفَةُ مَنْ كَانَ مَيِّتًا.