وَجُمْلَةُ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ تَعْلِيلٌ لِلدَّوَامِ عَلَى الدَّعْوَةِ وَأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ فَاءِ التَّعْلِيلِ لَا لِرَدِّ الشَّكِّ. وعَلى مُسْتَعَارَةٌ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْهُدَى.
وَوَصْفُ الْهُدَى بِالْمُسْتَقِيمِ اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ شُبِّهَ الْهُدَى بِالطَّرِيقِ الْمُوَصِّلِ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَرُمِزَ إِلَيْهِ بِالْمُسْتَقِيمِ لِأَنَّ الْمُسْتَقِيمَ أَسْرَعُ إِيصَالًا، فَدِينُ الْإِسْلَامِ أَيْسَرُ الشَّرَائِعِ فِي الْإِيصَالِ
إِلَى الْكَمَالِ النَّفْسَانِيِّ الَّذِي هُوَ غَايَةُ الْأَدْيَانِ. وَفِي هَذَا الْخَبَرِ تَثْبِيتٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجْدِيدٌ لِنَشَاطِهِ فِي الِاضْطِلَاعِ بأعباء الدعْوَة.
[٦٨، ٦٩]
[سُورَة الْحَج (٢٢) : الْآيَات ٦٨ إِلَى ٦٩]
وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ [الْحَج: ٦٧] . وَالْمَعْنَى: إِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ اقْتِنَاعِهِمْ بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي تَقْطَعُ الْمُنَازَعَةَ وَأَبَوْا إِلَّا دَوَامَ الْمُجَادَلَةِ تَشْغِيبًا وَاسْتِهْزَاءً فَقُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ.
وَفِي قَوْلِهِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ تَفْوِيضُ أَمْرِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَطْعِ الْمُجَادَلَةِ مَعَهُمْ، وَإِدْمَاجٌ بِتَعْرِيضٍ بِالْوَعِيدِ وَالْإِنْذَارِ بِكَلَامٍ مُوَجَّهٍ صَالِحٍ لِمَا يَتَظَاهَرُونَ بِهِ مَنْ تَطَلُّبِ الْحُجَّةِ: وَلِمَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ إِبْطَالِ الْعِنَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ [السَّجْدَة: ٣٠] .
وَالْمرَاد بِما تَعْمَلُونَ مَا يَعْمَلُونَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُعَارَضَةِ وَالْمُجَادَلَةِ بِالْبَاطِلِ لِيَدْحَضُوا بِهِ الْحَقَّ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute