وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: تَوَفَّنِي مُسْلِماً إِلَى النِّعْمَةِ الْعُظْمَى وَهِيَ نِعْمَةُ الدِّينِ الْحَقِّ، فَإِنَّ طَلَبَ تَوَفِّيهِ عَلَى الدِّينِ الْحَقِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِالدِّينِ الْحَقِّ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْإِسْلَامِ مِنَ الْآنِ، فَهُوَ يَسْأَلُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ إِلَى الْوَفَاةِ.
وَالْمُسْلِمُ: الَّذِي اتَّصَفَ بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ الدِّينُ الْكَامِلُ، وَهُوَ مَا تَعَبَّدَ اللَّهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ- عَلَيْهِمُ السَّلَامُ-. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ فِي سُورَة آل عمرَان [١٠٢] .
وَالْإِلْحَاقُ: حَقِيقَتُهُ جعل الشَّيْء لَا حَقًا، أَيْ مُدْرِكًا مَنْ سَبَقَهُ فِي السَّيْرِ. وَأُطْلِقَ هُنَا مَجَازًا عَلَى الْمَزِيدِ فِي عِدَادِ قَوْمٍ.
وَالصَّالِحُونَ: الْمُتَّصِفُونَ بِالصَّلَاحِ، وَهُوَ الْتِزَامُ الطَّاعَةِ. وَأَرَادَ بِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ. فَإِنْ كَانَ يُوسُفُ- عَلَيْهِ السّلام- يَوْمئِذٍ نبيئا فَدُعَاؤُهُ لِطَلَبِ الدَّوَامِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِن كَانَ نبّىء فِيمَا بَعْدُ فَهُوَ دُعَاء لحصوله، وَقد صَار نبيئا بعد ورسولا.
[١٠٢]
[سُورَة يُوسُف (١٢) : آيَة ١٠٢]
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢)
تَذْيِيلٌ لِلْقِصَّةِ عِنْدَ انْتِهَائِهَا. وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا ذكر من الْحَادِث أَيْ ذَلِكَ الْمَذْكُورُ.
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِتَمْيِيزِ الْأَنْبَاءِ أَكْمَلَ تَمْيِيزٍ لِتَتَمَكَّنَ مِنْ عُقُولِ السَّامِعِينَ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمَوَاعِظِ.
والْغَيْبِ مَا غَابَ عَنْ عِلْمِ النَّاسِ، وَأَصْلُهُ مَصْدَرُ غَابَ فَسُمِّيَ بِهِ الشَّيْءُ الَّذِي لَا يُشَاهَدُ. وَتَذْكِيرُ ضَمِيرِ نُوحِيهِ لِأَجْلِ مُرَاعَاةِ اسْمِ الْإِشَارَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute