بَدَلٌ مِنَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ. فَالْمُرَادُ مِنَ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ [الْحَج: ٤١] الْمُهَاجِرُونَ فَهُوَ ثَنَاءٌ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَشَهَادَةٌ لَهُمْ بِكَمَالِ دِينِهِمْ. وَعَنْ عُثْمَانَ: «هَذَا وَاللَّهِ ثَنَاءٌ قَبْلَ بَلَاءٍ» ، أَيْ قَبْلَ اخْتِبَارٍ، أَيْ فَهُوَ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْغَيْبِ الَّذِي عَلِمَهُ اللَّهُ مِنْ حَالِهِمْ. وَمَعْنَى إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ [الْحَج: ٤١] أَيْ بِالنَّصْرِ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الْحَج: ٣٩] .
[٤١]
[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٤١]
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ مِنْ الْمَوْصُولَةِ فِي قَوْلِهِ: مَنْ يَنْصُرُهُ [الْحَج: ٤٠] فَيَكُونُ الْمُرَادُ: كُلَّ مَنْ نَصْرَ الدِّينَ مِنْ أَجْيَالِ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ مَكَّنَّاهُمْ بِالنَّصْرِ الْمَوْعُودِ بِهِ إِنْ نَصَرُوا دِينَ اللَّهِ: وَعَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ فَالْكَلَامُ مَسُوقٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الشُّكْرِ عَلَى نِعْمَةِ النَّصْرِ بِأَنْ يَأْتُوا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ بِذَلِكَ دَوَامَ نَصْرِهِمْ، وَانْتِظَامَ عَقْدِ جَمَاعَتِهِمْ، وَالسَّلَامَةَ مِنِ اخْتِلَالِ أَمْرِهِمْ، فَإِنْ حَادُوا عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ فَرَّطُوا فِي ضَمَانِ نَصْرِهِمْ وَأَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ.
فَأَمَّا إِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَلِدَلَالَتِهَا عَلَى الْقِيَامِ بِالدِّينِ وَتَجْدِيدٍ لِمَفْعُولِهِ فِي النُّفُوسِ، وَأَمَّا إِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَهُوَ لِيَكُونَ أَفْرَادُ الْأُمَّةِ مُتَقَارِبِينَ فِي نِظَامِ مَعَاشِهِمْ، وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلِتَنْفِيذِ قَوَانِينِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ سَائِرِ الْأُمَّةِ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ.
وَالتَّمْكِينُ: التَّوْثِيقُ، وَأَصْلُهُ إِقْرَارُ الشَّيْءِ فِي مَكَانٍ وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي التَّسْلِيطِ وَالتَّمْلِيكِ، وَالْأَرْضُ لِلْجِنْسِ، أَيْ تَسْلِيطُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ فَيَكُونُ ذَلِكَ شَأْنَهُمْ فِيمَا هُوَ من مِلْكُهُمْ وَمَا بُسِطَتْ فِيهِ أَيْدِيهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute