وَالْمُرَادُ بِ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَحِقُّ عَلَيْهِمْ وَصْفُ الظُّلْمِ: إِمَّا لِظُلْمِهِمْ أَنْفُسَهُمْ وَإِلْقَائِهَا فِي الْعَوَاقِبِ السَّيِّئَةِ، وَإِمَّا لِاعْتِدَائِهِمْ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِمْ فَإِنَّ الْعِصْيَانَ ظُلْمٌ لِحَقِّ الرَّبِّ الْوَاجِب طَاعَته.
[٢٠، ٢١]
[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : الْآيَات ٢٠ إِلَى ٢١]
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما مَا وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ مَا نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١)
كَانَتْ وَسْوَسَةُ الشَّيْطَانِ بِقُرْبِ نَهْيِ آدَمَ عَنِ الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَعَبَّرَ عَنِ الْقُرْبِ بِحَرْفِ التَّعْقِيبِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ قُرْبٌ قَرِيبٌ، لِأَنَّ تَعْقِيبَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ.
وَالْوَسْوَسَةُ الْكَلَامُ الْخَفِيُّ الَّذِي لَا يَسْمَعُهُ إِلَّا الْمُدَانِي لِلْمُتَكَلِّمِ، قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ صَائِدًا:
وَسْوَسَ يَدْعُو جَاهِدًا رَبَّ الْفَلَقْ ... سِرًّا وَقَدْ أَوَّنَ تَأْوِينَ الْعُقُقْ
وَسُمِّيَ إِلْقَاءُ الشَّيْطَانِ وَسْوَسَةً: لِأَنَّهُ أَلْقَى إِلَيْهِمَا تَسْوِيلًا خَفِيًّا مِنْ كَلَامٍ كَلَّمَهُمَا أَوِ انْفِعَالٍ فِي أَنْفُسِهِمَا. كَهَيْئَةِ الْغَاشِّ الْمَاكِرِ إِذْ يُخْفِي كَلَامًا عَنِ الْحَاضِرِينَ كَيْلَا يُفْسِدُوا عَلَيْهِ غِشَّهُ بِفَضْحِ مَضَارِّهِ فَأَلْقَى لَهُمَا كَلَامًا فِي صُورَةِ التَّخَافُتِ لِيُوهِمَهُمَا أَنَّهُ نَاصِحٌ لَهُمَا وَأَنَّهُ يُخَافِتُ الْكَلَامَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى التَّعْبِيرُ عَنْ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ بِالْقَوْلِ: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلى [طه: ١٢٠] ثُمَّ دَرَجَ اصْطِلَاحُ الْقُرْآنِ وَكَلَامُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى تَسْمِيَةِ إِلْقَاءِ الشَّيْطَانِ فِي نُفُوسِ النَّاسِ خَوَاطِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute