وَالْبَهِيجُ: الْحَسَنُ الْمَنْظَرِ السَّارُّ لِلنَّاظِرِ، وَقَدْ سِيقَ هَذَا الْوَصْفُ إِدْمَاجًا لِلِامْتِنَانِ فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِدْلَالِ امْتِنَانًا بِجَمَالِ صُورَةِ الْأَرْضِ الْمُنْبِتَةِ، لِأَنَّ كَوْنَهُ بَهِيجًا لَا دَخْلَ لَهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ، فَهُوَ امْتِنَانٌ مَحْضٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ [النَّحْل: ٦] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ [الْملك: ٥] .
[٦، ٧]
[سُورَة الْحَج (٢٢) : الْآيَات ٦ إِلَى ٧]
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧)
فذلكة لما تَقَدَّمَ، فَالْجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ.
وَالْإِشَارَةُ بِ ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَطْوَارِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَفَنَائِهِ، وَمِنْ إِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا وَانْبِثَاقِ النَّبْتِ مِنْهَا.
وَإِفْرَادُ حَرْفِ الْخِطَابِ الْمُقْتَرِنِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِإِرَادَةِ مُخَاطَبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ عَلَى نَسَقِ قَوْلِهِ وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً [الْحَج: ٥] عَلَى أَنَّ اتِّصَالَ اسْمِ الْإِشَارَةِ بِكَافِ خِطَابِ الْوَاحِدِ هُوَ الْأَصْلُ.
وَالْمَجْرُورُ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، أَيْ ذَلِكَ حَصَلَ بِسَبَبِ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ إِلَخْ..
وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ فَالْمَعْنَى: تَكَوَّنَ ذَلِكَ الْخَلْقُ مِنْ تُرَابٍ وَتَطَوَّرَ، وَتَكَوَّنَ إِنْزَالُ الْمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ الْهَامِدَةِ وَالنَّبَاتِ الْبَهِيجِ بِسَبَبِ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْإِلَهُ الْحَقُّ دُونَ غَيْرِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ، أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْخَلْقُ وَذَلِكَ الْإِنْبَاتُ الْبَهِيجُ مُلَابِسًا لِحَقِّيَّةِ إِلَهِيَّةِ اللَّهِ. وَهَذِهِ الْمُلَابَسَةُ مُلَابَسَةُ الدَّلِيلِ لِمَدْلُولِهِ، وَهَذَا أَرْشَقُ مِنْ حَمْلِ الْبَاءِ عَلَى مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ وَهُوَ أجمع لوجوه الِاسْتِدْلَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute