نَفْسِهِ، وَتَمُرُّ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِي آلِهِمْ وَفِي عَشَائِرِهِمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ عَمَّا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ وَبَدِيعِ الصُّنْعِ.
وَجَعَلَ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ آيَاتٍ كَثِيرَةً لِأَنَّهُمَا حَالَتَانِ عَجِيبَتَانِ ثُمَّ فِي كُلِّ حَالَةٍ تَصَرُّفٌ يُغَايِرُ التَّصَرُّفَ الَّذِي فِي الْأُخْرَى، فَفِي حَالَةِ الْمَوْتِ سَلْبُ الْحَيَاةِ عَنِ الْجِسْمِ وَبَقَاءُ الْجِسْمِ كَالْجَمَادِ وَمَنْعٌ مِنْ أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِ الْحَيَاةُ وَفِي حَالَةِ النَّوْمِ سَلْبُ بَعْضِ الْحَيَاةِ عَنِ الْجِسْمِ حَتَّى يَكُونَ كَالْمَيِّتِ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ثُمَّ مَنْحُ الْحَيَاةِ أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِ دَوَالَيْكَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ إِبَّانُ سَلْبِهَا عَنْهُ سلبا مستمرا.
و (الْآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) حَاصِلَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ إِرَادَةِ التَّمْثِيل وَإِرَادَة اسْتِدْلَال عَلَى الِانْفِرَادِ بِالتَّصَرُّفِ. وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِ إِنَّ لِتَنْزِيلِ مُعْظَمِ النَّاسِ مَنْزِلَةَ الْمُنْكِرِ لِتِلْكَ الْآيَاتِ لِعَدَمِ جَرْيِهِمْ فِي أَحْوَالِهِمْ عَلَى مُقْتَضَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَالتَّفَكُّرُ: تَكَلُّفُ الْفِكْرَةِ، وَهُوَ مُعَالَجَةُ الْفِكْرِ وَمُعَاوَدَةُ التَّدَبُّرِ فِي دَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْحَقَائِقِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ بِبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ وَنَصْبِ الْمَوْتِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ بِبِنَاءِ الْفِعْلِ لِلنَّائِبِ وَبِرَفْعِ الْمَوْتِ وَهُوَ عَلَى مُرَاعَاةِ نَزْعِ الْخَافِضِ. وَالتَّقْدِيرُ: قُضِيَ عَلَيْهَا بِالْمَوْتِ، فَلَمَّا حُذِفَ الْخَافِضُ صَارَ الِاسْمُ الَّذِي كَانَ مَجْرُورًا بِمَنْزِلَةِ الْمَفْعُولِ بِهِ فَجُعِلَ نَائِبًا عَنِ الْفَاعِلِ، أَوْ عَلَى تَضْمِينِ قَضى مَعْنَى كتب وَقدر.
[٤٣- ٤٤]
[سُورَة الزمر (٣٩) : الْآيَات ٤٣ إِلَى ٤٤]
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤)
أَمِ مُنْقَطِعَةٌ وَهِيَ لِلْإِضْرَابِ الِانْتِقَالِيِّ انْتِقَالًا مِنْ تَشْنِيعِ إِشْرَاكِهِمْ إِلَى إِبْطَالِ مَعَاذِيرِهِمْ فِي شِرْكِهِمْ، ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا دَمَغَتْهُمْ حُجَجُ الْقُرْآنِ بِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute