وَعَدَدُ آيِهَا فِي عَدِّ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ. وَفِي عَدِّ الْكُوفَةِ سَبْعٌ وَثَلَاثُونَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي عَدِّ لَفْظِ حم آيَةً مُسْتَقِلَّةً.
أَغْرَاضُهَا
الِابْتِدَاءُ بِالتَّحَدِّي بِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ تَوْطِئَةً لِمَا سَيُذْكَرُ بِأَنَّهُ حَقٌّ كَمَا
اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ [الجاثية: ٦] . وَإِثْبَاتُ انْفِرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ بِدَلَائِلِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ آثَارِ خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ فِي جَوَاهِرِ الْمَوْجُودَاتِ وَأَعْرَاضِهَا وَإِدْمَاجِ مَا فِيهَا مَعَ ذَلِكَ مِنْ نِعَمٍ يَحِقُّ عَلَى النَّاسِ شُكْرُهَا لَا كُفْرُهَا. وَوَعِيدُ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَالْتَزَمُوا الْآثَامَ بِالْإِصْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ النَّظَرِ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهَا. وَالتَّنْدِيدُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ إِذِ اتَّخَذُوا آلِهَةً عَلَى حَسَبِ أَهْوَائِهِمْ وَإِذْ جَحَدُوا الْبَعْثَ، وَتَهْدِيدُهِمْ بِالْخُسْرَانِ يَوْمَ الْبَعْثِ، وَوَصْفُ أَهْوَالِ ذَلِكَ، وَمَا أُعِدَّ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ لِلْمُشْرِكِينَ وَمِنْ رَحْمَةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَدُعَاءُ الْمُسْلِمِينَ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ إِسَاءَةِ الْكُفَّارِ لَهُمْ وَالْوَعْدُ بِأَنَّ اللَّهَ سَيُخْزِي الْمُشْرِكِينَ.
وَوَصْفُ بَعْضِ أَحْوَالِ يَوْمِ الْجَزَاءِ. وَنَظَرُ الَّذِينَ أَهْمَلُوا النَّظَرَ فِي آيَاتِ اللَّهِ مَعَ تِبْيَانِهَا وَخَالَفُوا على رسولهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ بِحَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي كِتَابِهِمْ بَعْدَ أَنْ جَاءَهُمُ الْعِلْمُ وَبَعْدَ أَنِ اتَّبَعُوهُ فَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ خَالَفَ آيَاتِ اللَّهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ تَحْذِيرًا لَهُمْ مِنْ أَنْ يَقَعُوا فِيمَا وَقَعَ فِيهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ تَسْلِيطِ الْأُمَمِ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ تَحْذِيرٌ بَلِيغٌ.
وَذَلِكَ تثبيت للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ شَأْنَ شَرْعِهِ مَعَ قَوْمِهِ كَشَأْنِ شَرِيعَةِ مُوسَى لَا تَسْلَمُ مِنْ مُخَالِفٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِيهَا وَلَا فِي الَّذِي جَاءَ بِهَا، وَأَنْ لَا يَعْبَأَ بِالْمُعَانِدِينَ وَلَا بِكَثْرَتِهِمْ إِذْ لَا وَزْنَ لَهُمْ عِنْد الله.
[١]
[سُورَة الجاثية (٤٥) : آيَة ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute