للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلِذَلِكَ سَمَّاهَا آيَاتٍ. وَكَذَلِكَ مَا يَبْدُو لَنَا مِنْ جِهَةِ السَّمَاءِ مِثْلَ السَّحَابِ والبرق والرعد.

[٣٣]

[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : آيَة ٣٣]

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَمَّا كَانَتْ فِي إِيجَادِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ هُنَا مَنَافِعٌ لِلنَّاسِ سِيقَتْ فِي مَعْرِضِ الْمِنَّةِ بِصَوْغِهَا فِي صِيغَةِ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الْمُعَرَّفَةِ الْجُزْأَيْنِ لِإِفَادَةِ الْقَصْرِ، وَهُوَ قَصْرُ إِفْرَادٍ إِضَافِيٍّ بِتَنْزِيلِ الْمُخَاطَبِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ أَصْنَامَهُمْ مُشَارَكَةٌ لِلَّهِ فِي خَلْقِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا عَبَدُوا الْأَصْنَامَ، وَالْعِبَادَةُ شُكْرٌ، لَزِمَهُمْ أَنَّهُمْ يَشْكُرُونَهَا وَقَدْ جَعَلُوهَا شُرَكَاءَ لِلَّهِ فَلَزِمَهُمْ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا شَرِيكَةٌ لِلَّهِ فِي خَلْقِ مَا خَلَقَ لِيَنْتَقِلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى إِبْطَالِ إِشْرَاكِهِمْ إِيَّاهَا فِي الْإِلَهِيَّةِ.

وَلِكَوْنِ الْمِنَّةِ وَالْعِبْرَةِ فِي إِيجَادِ نَفْسِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَنَفْسِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، لَا فِي إِيجَادِهَا عَلَى حَالَةٍ خَاصَّةٍ، جِيءَ هُنَا بِفِعْلِ الْخَلْقِ لَا بِفِعْلِ الْجَعْلِ.

وَخَلْقُ اللَّيْل هُوَ جزئي مِنْ جُزْئِيَّاتِ خَلْقِ الظُّلْمَةِ الَّتِي أَوْجَدَ اللَّهُ الْكَائِنَاتِ فِيهَا قَبْلَ خَلْقِ الْأَجْسَامِ الَّتِي تُفِيضُ النُّورَ عَلَى الْمَوْجُودَاتِ، فَإِنَّ الظُّلْمَةَ عَدَمٌ وَالنُّورَ وُجُودِيٌّ وَهُوَ ضِدُّ الظُّلْمَةِ، وَالْعَدَمُ سَابِقٌ لِلْوُجُودِ فَالْحَالَةُ السَّابِقَةُ لِوُجُودِ الْأَجْرَامِ النَّيِّرَةِ هِيَ الظُّلْمَةُ، وَاللَّيْلُ ظَلَمَةٌ تَرْجِعُ لِجُرْمِ الْأَرْضِ عِنْدَ انْصِرَافِ الْأَشِعَّةِ عَنِ الْأَرْضِ.

وَأَمَّا خَلْقُ النَّهَارِ فَهُوَ بِخَلْقِ الشَّمْسِ وَمَنْ تُوَجُّهِ أَشِعَّتِهَا إِلَى النِّصْفِ الْمُقَابِلِ لِلْأَشِعَّةِ مِنَ الْكُرَةِ الْأَرْضِيَّةِ، فَخَلْقُ النَّهَارِ تَبَعٌ لِخَلْقِ الشَّمْسِ وَخَلْقِ الْأَرْضِ وَمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ لِأَشِعَّةِ الشَّمْسِ، وَلِذَلِكَ كَانَ لِذِكْرِ خَلْقِ