[سُورَة الْبَقَرَة (٢) : آيَة ٢٧٧]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧)
جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ لِمُقَابَلَةِ الذَّمِّ بِالْمَدْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرَتِهَا قَرِيبًا. وَالْمَقْصُودُ التَّعْرِيضُ بِأَنَّ الصِّفَاتِ الْمُقَابِلَةَ لهاته الصِّفَات صفت غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَالْمُنَاسَبَةُ تَزْدَادُ ظُهُورًا لِقَوْلِهِ: وَآتُوا الزَّكاةَ.
[٢٧٨، ٢٧٩]
[سُورَة الْبَقَرَة (٢) : الْآيَات ٢٧٨ إِلَى ٢٧٩]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)
قَوْلُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِفْضَاءٌ إِلَى التَّشْرِيعِ بَعْدَ
أَنْ قُدِّمَ أَمَامَهُ مِنَ الْمَوْعِظَةِ مَا هَيَّأَ النُّفُوسَ إِلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا [الْبَقَرَة: ٢٧٥] مِنْ كَلَامِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا [الْبَقَرَة: ٢٧٥] فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ تَشْرِيعٌ وَقَعَ فِي سِيَاقِ الرَّدِّ، فَلَمْ يَكْتَفِ بِتَشْرِيعٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ وَلِذَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا التَّشْرِيعِ الصَّرِيحِ الْمَقْصُودِ، وَمَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ وَصْفٌ لِحَالِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا بَقِيَ مِنْهُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ.
وَأُمِرُوا بِتَقْوَى اللَّهِ قَبْلَ الْأَمْرِ بِتَرْكِ الرِّبَا لِأَنَّ تَقْوَى اللَّهِ هِيَ أَصْلُ الِامْتِثَالِ وَالِاجْتِنَابِ وَلِأَنَّ تَرْكَ الرِّبَا مِنْ جُمْلَتِهَا. فَهُوَ كَالْأَمْرِ بِطَرِيقٍ بُرْهَانِيٍّ.
وَمَعْنَى وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا الْآيَةَ اتْرُكُوا مَا بَقِيَ فِي ذِمَمِ الَّذِينَ عَامَلْتُمُوهُمْ بِالرِّبَا، فَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: «فَلَهُ مَا سَلَفَ» ، فَكَانَ الَّذِي سَلَفَ قَبْضُهُ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ مَعْفُوًّا عَنْهُ وَمَا لَمْ يُقْبَضْ مَأْمُورًا بِتَرْكِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute