تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظُّبَاتِ نُفُوسُنَا ... وَلَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
وَأَمَّا طُرُقُ الْقَصْرِ الْمَعْرُوفَةُ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي فَهِيَ مِنْ أُسْلُوبِ الْإِيجَازِ، وَالْقَصْرُ قَصْرُ قَلْبٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ طَرَفِهِ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ، نزل الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَنْزِلَةَ مَنْ يَحْسَبُ أَنَّهُ وَكَيْلٌ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَحَصَلَ مِنْ هَذَا التَّنْزِيلِ تَعْرِيضٌ بِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يضرّون الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لم يصدّقوه.
[٧]
[سُورَة الشورى (٤٢) : آيَة ٧]
وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ [الشورى: ٣] إِلَخْ بِاعْتِبَارِ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الْمَعْطُوفَةِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا بِمَا فِي الْمَعْطُوفَةِ مِنْ كَوْنِ الْمُوحَى بِهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا، وَمَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا مِنْ كَوْنِهِ مَنْ نَوْعِ مَا أُوحِيَ بِهِ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ. وَالْقَوْلُ فِي وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا كَالْقَوْلِ فِي كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ [الشورى: ٣] .
وَإِنَّمَا أُعِيدَ وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا لِيُبْنَى عَلَيْهِ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِمَا حَجَزَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَصْلِ وَأَصْلُ النَّظْمِ: كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا مَعَ مَا حَصَلَ بِتِلْكَ الْإِعَادَةِ مِنَ التَّأْكِيدِ لِتَقْرِيرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَفْضَلَ تَقْرِيرٍ.
وَالْعُدُولُ عَنْ ضَمِيرِ الْغَائِبِ إِلَى ضَمِيرِ الْعَظَمَةِ الْتِفَاتٌ. وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ وَمَا أُوحِيَ إِلَى مَنْ قَبْلَكَ، إِلَّا اخْتِلَافُ اللُّغَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إِبْرَاهِيم: ٤] .
وَالْقُرْآنُ مَصْدَرُ: قَرَأَ، مِثْلُ: غُفْرَانَ وَسُبْحَانَ، وَأُطْلِقُ هُنَا عَلَى الْمَقْرُوءِ مُبَالَغَةً فِي الِاتِّصَافِ بِالْمَقْرُوئِيَّةِ لِكَثْرَةِ مَا يَقْرَأُهُ الْقَارِئُونَ وَذَلِكَ لِحُسْنِهِ وَفَائِدَتِهِ، فَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الِاسْمُ مَعْنَى الْكَمَالِ بَيْنَ الْمَقْرُوءَاتِ. وعَرَبِيًّا نِسْبَةٌ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، أَيْ لُغَةِ الْعَرَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute