للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُضِيفَ إِلَيْهِ مَا هُوَ اسْمُ جُزْئِهِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ آيَاتُ. وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَا فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَحْدَهُ بِرَفْعِ رَحْمَةٌ عَلَى جَعْلِ هُدىً خَبَرًا ثَانِيًا عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ.

وَمَعْنَى الْمُحْسِنِينَ: الْفَاعِلُونَ لِلْحَسَنَاتِ، وَأَعْلَاهَا الْإِيمَانُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَلِذَلِكَ خُصِّتْ هَذِهِ الثَّلَاثُ بِالذِّكْرِ بَعْدَ إِطْلَاقِ الْمُحْسِنِينَ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْمُحْسِنُونَ يَأْتُونَ بِهَا وَبِغَيْرِهَا.

وَزِيَادَةُ وَصْفِ الْكِتَابِ بِ رَحْمَةً بَعْدَ هُدىً لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ قِصَّةَ لُقْمَانَ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْقِصَّةِ رَحْمَةٌ لِمَا تَتَضَمَّنُهُ مِنَ الْآدَابِ وَالْحِكْمَةِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى الْهُدَى أَنَّهُ تَخَلَّقَ بِالْحِكْمَةِ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، وَالْخَيْرُ الْكَثِيرُ: رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

والزَّكاةَ هُنَا الصَّدَقَةُ وَكَانَتْ مَوْكُولَةً إِلَى هِمَمِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ بِوَقْتٍ وَلَا بِمِقْدَارٍ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ إِلَى هُمُ الْمُفْلِحُونَ فِي أَوَّلِ سُورَة الْبَقَرَة [٤- ٥] .

[٦- ٧]

[سُورَة لُقْمَان (٣١) : الْآيَات ٦ إِلَى ٧]

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ [لُقْمَان: ٢] . وَالْمَعْنَى: أَنَّ حَالَ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُحْسِنِينَ، وَأَنَّ مِنَ النَّاسِ مُعْرِضِينَ عَنْهُ يُؤْثِرُونَ لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِي يَهْدِي إِلَيْهِ الْكِتَابُ. وَهَذَا مِنْ مُقَابَلَةِ الثَّنَاءِ عَلَى آيَاتِ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ بِضِدِّ ذَلِكَ فِي ذَمِّ مَا يَأْتِي بِهِ بَعْضُ النَّاسِ، وَهَذَا تَخَلُّصٌ مِنَ الْمُقَدِّمَةِ إِلَى مَدْخَلٍ لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ تَفْظِيعُ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَمُشَايِعُوهُ مِنَ اللَّهْوِ بِأَخْبَارِ الْمُلُوكِ الَّتِي لَا تُكْسِبُ صَاحِبَهَا كَمَالًا وَلَا حِكْمَةً.