للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاجِبِهِ أَنْ يَتْرُكَهُمْ وَضَلَالَهُمْ وَأَنْ يَلْتَحِقَ بِأَخِيهِ مَعَ عِلْمِهِ بِمَا يُفْضِي إِلَى ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ، فَإِنَّ حُرْمَةَ الشَّرِيعَةِ بِحِفْظِ أُصُولِهَا وَعَدَمِ التَّسَاهُلِ فِيهَا، وَبِحُرْمَةِ الشَّرِيعَةِ يَبْقَى نُفُوذُهَا فِي الْأُمَّةِ وَالْعَمَلُ بِهَا كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ «مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ» .

وَفِي قَوْله تَعَالَى: يْنَ بَنِي

جِنَاسٌ، وَطَرْدٌ وَعَكْسٌ.

وَهَذَا بَعْضُ مَا اعْتَذَرَ بِهِ هَارُونُ، وَحُكِيَ عَنْهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [١٥٠] أَنَّهُ اعْتَذَرَ بِقَوْلِهِ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي.

[٩٥- ٩٦]

[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٩٥ إِلَى ٩٦]

قالَ فَما خَطْبُكَ يَا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦)

الْتَفَتَ مُوسَى بِتَوْجِيهِ الْخِطَابِ إِلَى السَّامِرِيِّ الَّذِي كَانَ سَبَبًا فِي إِضْلَالِ الْقَوْمِ، فَالْجُمْلَةُ نَاشِئَةٌ عَنْ قَوْلِ الْقَوْمِ فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا [طه: ٨٨] إِلَخْ، فَهِيَ ابْتِدَاءُ خِطَابٍ. وَلَعَلَّ مُوسَى لَمْ يُغْلِظْ لَهُ الْقَوْلَ كَمَا أَغْلَظَ لِهَارُونَ لِأَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا بِالدِّينِ فَلَمْ يَكُنْ فِي ضَلَالِهِ عَجَبٌ. وَلَعَلَّ هَذَا يُؤَيِّدُ مَا قِيلَ: إِنَّ السَّامِرِيَّ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنَ الْقِبْطِ أَوْ مِنْ كِرْمَانَ فَانْدَسَّ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَلَمَّا كَانَ مُوسَى

مَبْعُوثًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ خَاصَّةً وَلِفِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ لِأَجْلِ إِطْلَاقِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَانَ اتِّبَاعُ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ لِشَرِيعَةِ مُوسَى أَمْرًا غَيْرَ وَاجِبٍ عَلَى غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَلَكِنَّهُ مُرَغَّبٌ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاهْتِدَاءِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُعَنِّفْهُ مُوسَى لِأَنَّ الْأَجْدَرَ بِالتَّعْنِيفِ هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَى الشَّرِيعَة.

وَمعنى فَما خَطْبُكَ مَا طَلَبُكَ، أَيْ مَاذَا تَخْطُبُ، أَيْ تَطْلُبُ، فَهُوَ مَصْدَرٌ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: «وَهِيَ كَلِمَةٌ أَكْثَرُ مَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَكَارِهِ،