وَ (زَكى) بِتَخْفِيفِ الْكَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الْقِرَاءَاتِ. وَقَدْ كُتِبَ زَكى فِي الْمُصْحَفِ بِأَلْفِ فِيٍ صُورَةِ الْيَاءِ. وَكَانَ شَأْنُهُ أَنْ يُكْتَبَ بِالْأَلِفِ الْخَالِصَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمَالٍ وَلَا أَصْلُهُ يَاءٌ فَإِنَّهُ وَاوِيُّ اللَّامِ. وَرَسْمُ الْمُصْحَفِ قَدْ لَا يَجْرِي عَلَى الْقِيَاسِ. وَلَا تُعَدُّ قِرَاءَتُهُ بِتَخْفِيفِ الْكَافِ مُخَالِفَةً لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ لِأَنَّ الْمُخَالِفَةَ الْمُضْعِفَةَ لِلْقِرَاءَةِ هِيَ الْمُخَالَفَةُ
الْمُؤَدِّيَةُ إِلَى اخْتِلَافِ النُّطْقِ بِحُرُوفِ الْكَلِمَةِ، وَأَمَّا مِثْلُ هَذَا فَمِمَّا يَرْجِعُ إِلَى الْأَدَاءِ وَالرِّوَايَةُ تَعْصِمُ مِنَ الْخَطَأِ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ: وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ تَذْيِيلٌ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، أَيْ سَمِيعٌ لِمَنْ يُشِيعُ الْفَاحِشَةَ، عَلِيمٌ بِمَا فِي نَفْسِهِ مِنْ مَحَبَّةِ إِشَاعَتِهَا، وَسَمِيعٌ لِمَنْ يُنْكِرُ عَلَى ذَلِكَ، عَلِيمٌ لِمَا فِي نَفْسِهِ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ فَيُجَازِي كُلًّا عَلَى عَمَلِهِ.
وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِيهِ لِيَكُونَ التَّذْيِيلُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَجْرِي مجْرى الْمثل.
[٢٢]
[سُورَة النُّور (٢٤) : آيَة ٢٢]
وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢)
عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ: لَا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ [النُّور: ٢١] عَطْفَ خَاصٍّ عَلَى عَامٍ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى أَنَّهُ مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ أَنْ يَأْتِيَ بِوَسْوَسَةٍ فِي صُورَةِ خَوَاطِرِ الْخَيْرِ إِذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُوَسْوَسَ إِلَيْهِ مِنَ الَّذِينَ يَتَوَخَّوْنَ الْبِرَّ وَالطَّاعَةَ، وَأَنَّهُ مِمَّنْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ تَرْوِيجُ وَسْوَسَتِهِ إِذَا كَانَتْ مَكْشُوفَةً.
وَإِنَّ مِنْ ذُيُولِ قِصَّةِ الْإِفْكِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ الْمُطَّلِبِيِّ إِذْ كَانَ ابْنَ خَالَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَكَانَ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ فَلَمَّا عَلِمَ بِخَوْضِهِ فِي قَضِيَّةِ الْإِفْكِ أَقْسَمَ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهِ. وَلَمَّا تَابَ مِسْطَحٌ وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ وَاجِدًا فِي نَفْسِهِ عَلَى مِسْطَحٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute