وَفِيهِ تَشْبِيهُ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ فِي نُفُوسِ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ بِالْمَشْيِ.
وخُطُواتِ جَمْعُ خُطْوَةٍ بِضَمِّ الْخَاءِ. قَرَأَهُ نَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَالْبَزِّيِّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ بِسُكُونِ الطَّاءِ كَمَا هِيَ فِي الْمُفْرَدِ فَهُوَ جَمْعُ سَلَامَةٍ. وَقَرَأَهُ مَنْ عَدَاهُمْ بِضَمِّ الطَّاءِ لِأَنَّ تَحْرِيكَ الْعَيْنِ السَّاكِنَةِ أَوْ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ فَاءِ الِاسْمِ الْمَضْمُومَةِ أَوِ الْمَكْسُورَةِ جَائِزٌ كَثِيرٌ.
وَالْخُطْوَةُ- بِضَمِّ الْخَاءِ-: اسْمٌ لِنَقْلِ الْمَاشِي إِحْدَى قَدَمَيْهِ الَّتِي كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنِ الْقَدَمِ الْأُخْرَى وَجَعَلَهَا مُتَقَدِّمَةً عَلَيْهَا. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٦٨] .
وَ (مَنْ) شَرْطِيَّةٌ وَلِذَلِكَ وَقَعَ فِعْلُ يَتَّبِعْ مَجْزُومًا بِاتِّفَاقِ الْقُرَّاءِ.
وَجُمْلَةُ: فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَالرَّابِطُ هُوَ مَفْعُولُ يَأْمُرُ الْمَحْذُوفُ لِقَصْدِ الْعُمُومِ فَإِنَّ عُمُومَهُ يَشْمَلُ فَاعِلَ فِعْلِ الشَّرْطِ فَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الرَّبْطُ بَيْنَ جُمْلَةِ الشَّرْطِ وَجُمْلَةِ الْجَوَابِ. وَضَمِيرَا فَإِنَّهُ يَأْمُرُ عَائِدَانِ إِلَى الشَّيْطَانِ. وَالْمَعْنَى: وَمَنْ يَتِّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ يَفْعَلُ الْفَحْشَاءَ وَالْمُنْكَرَ لِأَنَّ الشَّيْطَان يَأْمر النَّاس بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، أَيْ بِفِعْلِهِمَا: فَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ يَقَعْ فِي الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْعُمُومِ.
وَالْفَحْشَاءُ: كُلُّ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ قَبِيحٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٦٩] .
وَالْمُنْكَرُ: مَا تُنْكِرُهُ الشَّرِيعَةُ وينكره أهل الْخَيْر. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [١٠٤] .
وَقَوْلُهُ: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ الْآيَةَ، أَيْ لَوْلَا فَضْلُهُ بِأَنْ هَدَاكُمْ إِلَى الْخَيْرِ وَرَحْمَتُهُ بِالْمَغْفِرَةِ عِنْدَ التَّوْبَةِ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ زَاكِيًا لِأَنَّ فتْنَة الشَّيْطَان فِتْنَةَ عَظِيمَةٌ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْهَا النَّاسُ لَوْلَا إِرْشَادُ الدِّينِ، قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الشَّيْطَانِ قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص: ٨٢، ٨٣] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute