للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَصَاحِبُ «الْقَامُوسِ» وَاسْتَدْرَكَهُ فِي «تَاجِ الْعَرُوسِ» .

قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُهُم: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ، فَهُوَ عَلَى مَعْنَى التَّخْطِئَةِ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا.

حَسَنًا وَلَمْ يَتَفَطَّنْ لِقُبْحِهِ. فَالصُّنْعُ إِذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِلْعَمَلِ الْجَيِّدِ النَّافِعِ وَإِذَا أُرِيدَ غَيْرُ ذَلِكَ وَجَبَ تَقْيِيدُهُ عَلَى أَنَّهُ قَلِيلٌ أَوْ تَهَكُّمٌ أَوْ مُشَاكَلَةٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّنْعَ يُطْلَقُ عَلَى الْعَمَلِ الْمُتْقَنِ فِي الْخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ قَالَ تَعَالَى تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ [طه: ٦٩] ، وَوَصْفُ اللَّهِ بِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ تَعْمِيمٌ

قصد بِهِ التذييل، أَيْ مَا هَذَا الصُّنْعُ الْعَجِيبُ إِلَّا مُمَاثِلًا لِأَمْثَالِهِ مِنَ الصَّنَائِعِ الْإِلَهِيَّةِ الدَّقِيقَةِ الصُّنْعِ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَسْيِيرَ الْجِبَالِ نِظَامٌ مُتْقَنٌ، وَأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ التَّكْوِينِ وَالْخَلْقِ وَاسْتِدَامَةِ النِّظَامِ وَلَيْسَ من نوع الْخَرْمِ وَالتَّفْكِيكِ.

وَجُمْلَةُ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ تَذْيِيلٌ أَوِ اعْتِرَاضٌ فِي آخِرِ الْكَلَامِ لِلتَّذْكِيرِ وَالْوَعْظِ وَالتَّحْذِيرِ، عَقِبَ قَوْلِهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ لِأَنَّ إِتْقَانَ الصُّنْعِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ سَعَةِ الْعِلْمِ فَالَّذِي بِعِلْمِهِ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ هُوَ خَبِيرٌ بِمَا يَفْعَلُ الْخَلْقُ فَلْيَحْذَرُوا أَنْ يُخَالِفُوا عَنْ أَمْرِهِ.

ثُمَّ جِيءَ لِتَفْصِيلِ هَذَا بِقَوْلِهِ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ [النَّمْل: ٨٩] الْآيَةَ فَكَانَ مِنَ التَّخَلُّصِ وَالْعَوْدِ إِلَى مَا يَحْصُلُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، وَمَنْ جَعَلُوا أَمْرَ الْجِبَالِ مِنْ أَحْدَاثِ يَوْمِ الْحَشْرِ جَعَلُوا جُمْلَةَ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِجَوَابِ سَائِلٍ: فَمَاذَا يَكُونُ بَعْدَ النَّفْخِ وَالْفَزَعِ وَالْحُضُورِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَتَسْيِيرِ الْجِبَالِ، فَأُجِيبَ جَوَابًا إِجْمَالِيًّا بِأَنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِأَفْعَالِ النَّاسِ ثُمَّ فُصِّلَ بِقَوْلِهِ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها.. [النَّمْل: ٨٩] الْآيَةَ.

قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِما تَفْعَلُونَ بِتَاءِ الْخِطَابِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو يَفْعَلُونَ بِيَاءِ الْغَائِبِينَ عَائِدًا ضَمِيرُهُ عَلَى مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ [النَّمْل: ٨٧] .

[٨٩- ٩٠]

[سُورَة النَّمْل (٢٧) : الْآيَات ٨٩ الى ٩٠]

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ.

هَذِهِ الْجُمْلَة بَيَان ناشىء عَنْ قَوْلِهِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا