للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ فَلَهَا حُكْمُ الِاعْتِرَاضِ.

وَجِيءَ بِالْوَعْدِ مِنَ الشَّرْطِ لِتَحْقِيقِ تَعْلِيقِ الْجَوَابِ عَلَى شَرْطِهِ.

[٦]

[سُورَة الطَّلَاق (٦٥) : آيَة ٦]

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦)

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ.

هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنَ الْجُمَلِ إِلَى قَوْلِهِ: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ [الطَّلَاق: ٨] إِلَخْ تَشْرِيعٌ مُسْتَأْنَفٌ فِيهِ بَيَانٌ لِمَا أُجْمِلَ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ [الطَّلَاق: ١] وَقَوْلِهِ: أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [الطَّلَاق: ٢] ، وَقَوْلِهِ: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطَّلَاق: ٤] فَتَتَنَزَّلُ هَذِهِ الْجُمَلُ مِنَ اللَّاتِي قَبْلَهَا مَنْزِلَةَ الْبَيَانِ لِبَعْضٍ، وَيَدُلُّ الِاشْتِمَالُ لِبَعْضٍ وَكُلُّ ذَلِكَ مُقْتَضًى لِلْفَصْلِ. وَابْتُدِئَ بِبَيَانِ مَا فِي لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ [الطَّلَاق: ١] مِنْ إِجْمَالٍ.

وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي أَسْكِنُوهُنَّ عَائِدٌ إِلَى النِّسَاءِ الْمُطَلَّقَاتِ فِي قَوْلِهِ: إِذا طَلَّقْتُمُ [الطَّلَاق: ١] . وَلَيْسَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَصْلُحُ لِأَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ هَذَا الضَّمِيرُ إِلَّا لَفْظُ النِّسَاءِ وَإِلَّا لَفْظُ أُولاتُ الْأَحْمالِ [الطَّلَاق: ٤] ، وَلَكِنَّ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ الْإِسْكَانَ

خَاصٌّ بِالْمُعْتَدَّاتِ الْحَوَامِلِ فَإِنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى: لَا تُخْرِجُوهُنَّ [الطَّلَاق: ١] فَتَعَيَّنَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إِلَى النِّسَاءِ الْمُطَلَّقَاتِ كُلِّهِنَّ، وَبِذَلِكَ يَشْمَلُ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ وَالْبَائِنَةَ وَالْحَامِلَ، لِمَا عَلِمْتَهُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ مِنْ إِرَادَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنَةِ مِنْ لَفْظِ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ [الطَّلَاق: ١] .

وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَائِلُونَ بِوُجُوبِ السُّكْنَى لَهُنَّ جَمِيعًا. قَالَ أَشْهَبُ: قَالَ مَالِكٌ:

يَخْرُجُ عَنْهَا إِذَا طَلَّقَهَا وَتَبْقَى هِيَ فِي الْمَنْزِلِ. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا الَّتِي لَمْ تَبِنْ فَإِنَّهَا زَوْجَةٌ يَتَوَارَثَانِ وَالسُّكْنَى لَهُنَّ لَازِمَةٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ اه. يُرِيدُ أَنَّهَا مُسْتَغْنًى عَنْ أَخْذِ حُكْمِ سُكْنَاهَا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ. وَلَا يُرِيدُ أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ حُكْمِ الْآيَةِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا سُكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا. وَمُتَمَسَّكُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا رَوَتْهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنَّ أَخَا زَوْجِهَا مَنَعَهَا مِنَ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ، وَأَنَّهَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا إِلَى