أَوْ دَفْعُ ضُرٍّ عَنْهُمْ مِثْلَ ضُرِّ عَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ. فَهُمْ قَدْ شَاهَدُوا عَدَمَ غِنَائِهِ عَنْهُمْ، وَلِأَنَّ شَوَاهِدَ حَالِهِ مِنْ عَدَمِ التَّحَرُّكِ شَاهِدَةٌ بِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ أَنْ يَنْفَعَ أَوْ يَضُرَّ، فَلِذَلِكَ سُلِّطَ الْإِنْكَارُ عَلَى عَدَمِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ حَالَهُ مِمَّا يُرَى.
وَلَامُ لَهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِ يَمْلِكُ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى يَسْتَطِيعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً فِي سُورَةِ الْعُقُودِ. [٧٦] .
وَقَدَّمَ الضَّرَّ عَلَى النَّفْعِ قَطْعًا لِعُذْرِهِمْ فِي اعْتِقَادِ إِلَهِيَّتِهِ، لِأَنَّ عُذْرَ الْخَائِفِ مِنَ الضُّرِّ أَقْوَى مِنْ عُذْرِ الرَّاغِبِ فِي النَّفْعِ.
وَ (أَنْ) فِي قَوْلِهِ أَلَّا يَرْجِعُ مُخَفَّفَةٌ مِنْ (أَنَّ) الْمَفْتُوحَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَهَا هِيَ الْخَبَرُ، فَ يَرْجِعُ مَرْفُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْقِرَاءَاتِ مَا عَدَا قِرَاءَاتٍ شَاذَّةٍ. وَلَيْسَتْ (أَنْ) مَصْدَرِيَّةً لِأَنَّ (أَنْ) الْمَصْدَرِيَّةَ لَا تَقَعُ بَعْدَ أَفْعَالِ الْعِلْمِ وَلَا بَعْدَ أَفعَال الْإِدْرَاك.
[٩٠- ٩١]
[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٩٠ إِلَى ٩١]
وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١)
الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ أَفَلا يَرَوْنَ [طه: ٨٩] عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ، أَيْ كَيْفَ لَا يَسْتَدِلُّونَ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْعِجْلِ الْإِلَهِيَّةَ، بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا فَيُقْلِعُونَ عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute