للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَالِحٌ لِلتَّفْكِيكِ بِأَنْ يُشَبَّهَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْهَيْئَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْهَيْئَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِهَا، بِأَنْ يُشَبَّهَ الِارْتِدَادُ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِذَهَابِ عَقْلِ الْمَجْنُونِ، وَيُشَبَّهَ الْكُفْرُ بِالْهُيَامِ فِي الْأَرْضِ، وَيُشَبَّهَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ دَعَوْهُمْ إِلَى الِارْتِدَادِ بِالشَّيَاطِينِ وَتُشَبَّهُ دَعْوَةُ اللَّهِ النَّاسَ لِلْإِيمَانِ وَنُزُولُ الْمَلَائِكَةِ بِوَحْيِهِ بِالْأَصْحَابِ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى الْهُدَى. وَعَلَى هَذَا التَّفْسِير يكون كَالَّذِي صَادِقًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَرَّفِ بِلَامِ الْجِنْسِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عبد الرحمان بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ حِينَ كَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ يَدْعُوَانِهِ إِلَى الْإِسْلَامِ فَيَأْبَى، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ.

[٧٢، ٧٣]

[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : الْآيَات ٧٢ الى ٧٣]

وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣)

جُمْلَةُ: قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافَ تَكْرِيرٍ لِمَا أُمِرَ أَنْ يَقُولَهُ لِلْمُشْرِكِينَ حِين يدعونَ الْمُسلمين إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْبُدْ آلِهَتَنَا زَمَنًا وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ زَمَنًا. وَكَانُوا فِي خِلَالِ ذَلِكَ يَزْعُمُونَ أَنَّ دِينَهُمْ هُدًى فَلِذَلِكَ خُوطِبُوا بِصِيغَةِ الْقَصْرِ. وَهِيَ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى فَجِيءَ بِتَعْرِيفِ الْجُزْأَيْنِ، وَضَمِيرِ الْفَصْلِ، وَحَرْفِ التَّوْكِيدِ، فَاجْتَمَعَ فِي الْجُمْلَةِ أَرْبَعَةُ مُؤَكِّدَاتٍ، لِأَنَّ الْقَصْرَ بِمَنْزِلَةِ مُؤَكِّدَيْنِ إِذْ لَيْسَ الْقَصْرُ إِلَّا تَأْكِيدًا عَلَى تَأْكِيدٍ، وَضَمِيرُ الْفَصْلِ تَأْكِيدٌ، وَ (إِنَّ) تَأْكِيدٌ، فَكَانَتْ مُقْتَضَى حَالِ الْمُشْرِكِينَ الْمُنْكِرِينَ أَنَّ الْإِسْلَامَ هُدًى.

وَتَعْرِيفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْإِضَافَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْهُدَى الْوَارِدِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الدِّينُ الْمُوصَى بِهِ، وَهُوَ هُنَا الْإِسْلَامُ، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ. وَقَدْ وَصَفَ الْإِسْلَامَ بِأَنَّهُ