للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

٩٨- سُورَةُ لم يكن

وَرَدَتْ تَسْمِيَةُ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كَلَامِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا»

. رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ: وَسَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَبَكَى»

فَقَوْلُهُ: أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاضِحٌ أَنَّهُ أَرَادَ السُّورَةَ كُلَّهَا فَسَمَّاهَا بِأَوَّلِ جُمْلَةٍ فِيهَا، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي مُعْظَمِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَكُتُبِ السُّنَّةِ سُورَةَ لَمْ يَكُنِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى أَوَّلِ كَلِمَةٍ مِنْهَا، وَهَذَا الِاسْمُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تُونُسَ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْكَتَاتِيبِ.

وَسُمِّيَتْ فِي أَكْثَرِ الْمَصَاحِفِ «سُورَةَ الْقَيِّمَةِ» وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ. وَسُمِّيَتْ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ «سُورَةَ الْبَيِّنَةِ» .

وَذُكِرَ فِي «الْإِتْقَانِ» أَنَّهَا سُمِّيَتْ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ «سُورَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» ، أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ [الْبَيِّنَة: ١] ، وَسُمِّيَتْ سُورَةَ «الْبَرِيَّةِ» وَسُمِّيَتْ «سُورَةَ الِانْفِكَاكِ» . فَهَذِهِ سِتَّةُ أَسْمَاءٍ.

وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ أَوْ مَدَنِيَّةٌ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الْأَشْهَرُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ. وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءِ بْنِ يسَار هِيَ مَدِينَة.

وَعَكَسَ الْقُرْطُبِيُّ فَنَسَبَ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ إِلَى الْجُمْهُورِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَى يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي حَبَّةَ الْبَدْرِيِّ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَى آخِرِهَا قَالَ جِبْرِيلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا»

الْحَدِيثَ، أَيْ وَأُبَيُّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَجَزَمَ الْبَغَوِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ بِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنْ تَخْطِئَةِ