للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْغَايَةِ إِفَادَةُ أَنَّ جَمِيعَ أَحْيَانِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَعْمُورَةٌ بِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ وَالسَّلَامَةِ، فَالْغَايَةُ هُنَا مُؤَكِّدَةٌ لِمَدْلُولِ لَيْلَةِ [الْقدر: ١] لِأَنَّ اللَّيْلَةَ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهَا كَمَا

فِي قَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

، أَيْ مَنْ قَامَ بَعْضَهَا، فَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ مِنْهَا. يُرِيدُ شَهِدَهَا فِي جَمَاعَةٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ فِعْلُ شَهِدَ، فَإِنَّ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

وَجِيءَ بِحَرْفِ حَتَّى لِإِدْخَالِ الْغَايَةِ لِبَيَانِ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَمْتَدُّ بَعْدَ مَطْلَعِ الْفَجْرِ بِحَيْثُ

إِنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ تُعْتَبَرُ وَاقِعَةً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ نِهَايَتَهَا كَنِهَايَةِ الْفِطْرِ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَهَذَا تَوْسِعَةٌ مِنَ اللَّهِ فِي امْتِدَادِ اللَّيْلَةِ إِلَى مَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

وَيُسْتَفَادُ مِنْ غَايَةِ تَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ فِيهَا، أَنَّ تِلْكَ غَايَةُ اللَّيْلَةِ وَغَايَةٌ لِمَا فِيهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ التَّابِعَةِ لِكَوْنِهَا خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، وَغَايَةُ السَّلَامِ فِيهَا.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: مَطْلَعِ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، أَيْ طُلُوعُ الْفَجْرِ، أَيْ ظُهُورُهُ. وَقَرَأَهُ الْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَى مَعْنَى زَمَانِ طُلُوعِ الْفَجْرِ.