للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمُرَادُ بِأُولِي الطَّولِ أَمْثَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ بن سَلُولَ، وَمُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ، وَالْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ.

وَعَطْفُ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ عَلَى اسْتَأْذَنَكَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُغَايَرَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِزِيَادَةٍ فِي الْمَعْطُوفِ لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ مُجْمَلٌ، وَقَوْلُهُمُ الْمَحْكِيُّ فِيهِ بَيَانُ مَا اسْتَأْذَنُوا فِيهِ وَهُوَ الْقُعُودُ. وَفِي نَظْمِهِ إِيذَانٌ بِتَلْفِيقِ مَعْذِرَتِهِمْ وَأَنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ رَغْبَتُهُمْ فِي الْقُعُودِ وَلِذَلِكَ حُكِيَ قَوْلُهُمْ بِأَنِ ابْتُدِئَ بِ ذَرْنا الْمُقْتَضِي الرَّغْبَةَ فِي تَرْكِهِمْ بِالْمَدِينَةِ. وَبِأَنْ يَكُونُوا تَبَعًا لِلْقَاعِدِينَ الَّذِينَ فِيهِمُ الْعُجَّزُ وَالضُّعَفَاءُ وَالْجُبَنَاءُ، لِمَا تُؤْذِنُ بِهِ كَلِمَةُ مَعَ مِنَ الْإِلْحَاقِ وَالتَّبَعِيَّةِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ (ذَرْ) أَمْرٌ مِنْ فِعْلٍ مُمَاتٍ وَهُوَ (وَذَرَ) اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بِمُرَادِفِهِ وَهُوَ (تَرَكَ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً فِي سُورَة الْأَنْعَام [٧٠] .

[٨٧]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ٨٧]

رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (٨٧)

اسْتِئْنَافٌ قُصِدَ مِنْهُ التَّعْجِيبُ مِنْ دَنَاءَةِ نُفُوسِهِمْ وَقِلَّةِ رُجْلَتِهِمْ بِأَنَّهُمْ رَضُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِأَنْ يَكُونُوا تَبَعًا لِلنِّسَاءِ. وَفِي اخْتِيَارِ فِعْلِ رَضُوا إِشْعَارٌ بِأَنَّ مَا تَلَبَّسُوا بِهِ مِنَ الْحَالِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَرَدَّدَ الْعَاقِلُ فِي قَبُولِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ [التَّوْبَة: ٣٨] وَقَوْلِهِ: إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ [التَّوْبَة: ٨٣] .

وَالْخَوَالِفُ: جَمْعُ خَالِفَةٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَتَخَلَّفُ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ سَفَرِ زَوْجِهَا فَإِنْ سَافَرَتْ مَعَهُ فَهِيَ الظَّعِينَةُ، أَيْ رَضُوا بِالْبَقَاءِ مَعَ النِّسَاءِ.

وَالطَّبْعُ تَمْثِيلٌ لِحَالِ قُلُوبِهِمْ فِي عَدَمِ قَبُولِ الْهُدَى بِالْإِنَاءِ أَوِ الْكِتَابِ الْمَخْتُومِ. وَالطَّبْعُ مُرَادِفُ الْخَتْمِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٧] . وَأُسْنِدَ الطَّبْعُ إِلَى الْمَجْهُولِ إِمَّا لِلْعِلْمِ بِفَاعِلِهِ وَهُوَ اللَّهُ، وَإِمَّا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُمْ خُلِقُوا كَذَلِكَ وَجُبِلُوا عَلَيْهِ وَفُرِّعَ عَلَى الطَّبْعِ انْعِدَامُ عِلْمِهِمْ بِالْأُمُورِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِعِلْمِهَا أَهْلُ