للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة النِّسَاء (٤) : آيَة ٨٧]

اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (٨٧)

اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ، جَمَعَ تَمْجِيدَ اللَّهِ، وَتَهْدِيدًا، وتحذيرا من مُخَالف أَمْرِهِ، وَتَقْرِيرًا لِلْإِيمَانِ بِيَوْمِ الْبَعْثِ، وَرَدًّا لِإِشْرَاكِ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ وَإِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ.

فَاسْمُ الْجَلَالَةِ مُبْتَدَأٌ. وَجُمْلَةُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَخَبَرِهِ لِتَمْجِيدِ اللَّهِ.

وَجُمْلَةُ لَيَجْمَعَنَّكُمْ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ وَاقِعٍ جَمِيعُهُ مَوْقِعَ الْخَبَرِ عَنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ. وَأُكِّدَ هَذَا الْخَبَرُ: بِلَامِ الْقَسَمِ، وَنُونِ التَّوْكِيدِ، وَبِتَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ، لِتَقْوِيَةِ تَحْقِيقِ هَذَا الْخَبَرِ. إِبْطَالًا لِإِنْكَارِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ.

وَمَعْنَى لَا رَيْبَ فِيهِ نَفْيٌ أَنْ يَتَطَرَّقَهُ جِنْسُ الرَّيْبِ وَالشَّكِّ أَيْ فِي مَجِيئِهِ، وَالْمَقْصُودُ لَا رَيْبَ حَقِيقِيًّا فِيهِ، أَوْ أَنَّ ارْتِيَابَ الْمُرْتَابِينَ لِوَهَنِهِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْجِنْسِ الْمَعْدُومِ.

وَالِاسْتِفْهَامُ عَنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَصْدَقَ مِنَ اللَّهِ هُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ. وَ «حَدِيثًا» تَمْيِيزٌ لِنِسْبَةِ فعل التَّفْضِيل.

[٨٨]

[سُورَة النِّسَاء (٤) : آيَة ٨٨]

فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (٨٨)

تَفْرِيعٌ عَنْ أَخْبَارِ الْمُنَافِقِينَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، لِأَنَّ مَا وُصِفَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ لَا يَتْرُكُ شَكًّا عِنْدَ الْمُؤمنِينَ فِي حَيْثُ طَوِيَّتِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، أَوْ هُوَ تَفْرِيعٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً [النِّسَاء: ٨٧] . وَإِذْ قَدْ حَدَّثَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِمَا وَصَفَ مِنْ سَابِقِ الْآيِ، فَلَا يَحِقُّ التَّرَدُّدُ فِي سُوءِ نَوَايَاهُمْ وَكُفْرِهِمْ، فَمَوْقِعُ الْفَاءِ هَنَا نَظِيرُ مَوْقِعِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ