للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُشْرِكِينَ فِي وَقْعَةِ الْأَحْزَابِ وَمِنَ الْيَهُودِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ لِلِاسْتِغْرَاقِ، أَيْ كُلَّ كَافِرٍ.

وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فصيغة الْمَاضِي فِي فِعْلِ لَعَنَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي تَحْقِيقِ الْوُقُوعِ، شِبْهِ الْمُحَقَّقِ حُصُولُهُ بِالْفِعْلِ الَّذِي حَصَلَ فَاسْتُعِيرَ لَهُ صِيغَةُ الْمَاضِي مَثَلَ أَتى أَمْرُ اللَّهِ

[النَّحْل: ١] لِأَنَّ اللَّعْنَ إِنَّمَا يَقَعُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ مُسْتَقْبَلٌ. وَأَمَّا حَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا فَمِثْلُ أَحْوَالِ الْمَخْلُوقَاتِ يَتَمَتَّعُونَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ حَيَاةٍ وَرِزْقٍ وَمَلَاذٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ، قَالَ تَعَالَى: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ [آل عمرَان: ١٩٦، ١٩٧] . وَقَدْ يَكُونُ فِي ظَاهِرِ الْآيَةِ مُتَمَسَّكٌ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ لِقَوْلِهِ بِانْتِفَاءِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَنِ الْكَافِرِينَ خِلَافًا لِلْمَاتُرِيدِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَلَكِنَّهُ مُتَمَسَّكٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ حَقِيقَةَ النِّعْمَةِ تَرْجِعُ إِلَى مَا لَا يُعْقِبُ أَلَمًا.

وَالسَّعِيرُ: النَّارُ الشَّدِيدَةُ الْإِيقَادِ. وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٌ، أَيْ مَسْعُورَةٌ.

وَأُعِيدَ الضَّمِيرُ عَلَى السَّعِيرِ فِي قَوْلِهِ: خالِدِينَ فِيها مُؤَنَّثًا لِأَنَّ سَعِيراً مِنْ صِفَاتِ النَّارِ وَالنَّارُ مُؤَنَّثَةٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ.

وَجُمْلَةُ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ خالِدِينَ أَيْ خَالِدِينَ فِي حَالَةِ انْتِفَاءِ الْوَلِيِّ وَالنَّصِيرِ عَنْهُمْ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هم ينْصرُونَ.

[٦٦]

[سُورَة الْأَحْزَاب (٣٣) : آيَة ٦٦]

يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦)

يَوْمَ ظَرْفٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِ لَا يَجِدُونَ [الْأَحْزَاب: ٦٥] أَيْ إِنْ وَجَدُوا أَوْلِيَاءَ وَنُصَرَاءَ فِي الدُّنْيَا مِنْ يَهُودِ قُرَيْظَةَ وَخَيْبَرَ فِي يَوْمِ الْأَحْزَابِ فَيَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا يَرْثِي لَهُمْ وَلَا نَصِيرًا يُخَلِّصُهُمْ. وَتَكُونُ جُمْلَةُ يَقُولُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ يَقُولُونَ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الظَّرْفُ بِفعل يَقُولُونَ على أَن تكون جملَة يَقُولُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ لَا يَجِدُونَ.