وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنْ جَاءَ السَّارِقُ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ، وَنُقِلَ هَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ حَمْلًا عَلَى حُكْمِ الْمُحَارِبِ، وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُتَّحِدِ السَّبَبِ مُخْتَلِفِ الْحُكْمِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ آيَةَ الْحِرَابَةِ لَيْسَتْ مِنَ الْمُقَيَّدِ بَلْ هِيَ حُكْمٌ مُسْتَفَادٌ اسْتِقْلَالًا وَأَنَّ الْحِرَابَةَ وَالسَّرِقَةَ لَيْسَا سَبَبًا وَاحِدًا فَلَيْسَتِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مُتَّحِدِ السَّبَبِ وَلَا مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ الَّذِي قابله مقيّد.
[٤٠]
[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : آيَة ٤٠]
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠)
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ، جَوَابٌ لِمَنْ يَسْأَلُ عَنِ انْقِلَابِ حَالِ السَّارِقِ مِنَ الْعِقَابِ إِلَى الْمَغْفِرَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مَعَ عِظَمِ جُرْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا، فَهُوَ الْعَلِيمُ بِمَوَاضِعِ الْعِقَابِ وَمَوَاضِعِ الْعَفْوِ.
[٤١، ٤٢]
[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : الْآيَات ٤١ الى ٤٢]
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِتَهْوِينِ تَأَلُّبِ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ عَلَى الْكَذِبِ وَالِاضْطِرَابِ فِي مُعَاملَة الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُوءِ طَوَايَاهُمْ مَعَهُ، بِشَرْحِ صدر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute