لُحُومِ الْبَشَرِ الَّتِي تَحْتَ الطَّبَقَةِ الْجِلْدِيَّةِ مُتَّحِدَةُ اللَّوْنِ. وَمِنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ انْشَقَّتْ أَلْوَانُ قَبَائِلِ الْبَشَرِ فَجَاءَ مِنْهَا اللَّوْنُ الْأَصْفَرُ وَاللَّوْنُ الْأَسْمَرُ وَاللَّوْنُ الْأَحْمَرُ. وَمِنَ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ كُوقْيَيْ (١) جَعَلَ أُصُولَ أَلْوَانِ الْبَشَرِ ثَلَاثَةً: الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَالْأَصْفَرُ، وَهُوَ لَوْنُ أَهْلِ الصِّينِ. وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ الْأَحْمَرَ وَهُوَ لَوْنُ سُكَّانِ قَارَّةِ أَمْرِيكَا الْأَصْلِيِّينَ الْمَدْعُوِّينَ هُنُودَ أَمْرِيكَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ مَجْمُوعِ اخْتِلَافِ اللُّغَاتِ وَاخْتِلَافِ الْأَلْوَانِ تَمَايَزَتِ الْأَجْذَامُ الْبَشَرِيَّةُ وَاتَّحَدَتْ مُخْتَلِطَاتُ أَنْسَابِهَا. وَقَدْ قَسَّمُوا أَجْذَامَ الْبَشَرِ الْآنَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَجْذَامٍ أَصْلِيَّةٍ وَهِيَ الْجَذْمُ الْقُوقَاسِيُّ الْأَبْيَضُ، وَالْجَذْمُ الْمَغُولِيُّ الْأَصْفَرُ، وَالْجَذْمُ الْحَبَشِيُّ الْأَسْوَدُ، وَفَرَّعُوهَا إِلَى ثَمَانِيَةٍ وَهِيَ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَالْحَبَشِيُّ وَالْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ وَالسَّامِيُّ وَالْهِنْدِيُّ وَالْمَلَايِيُّ
نِسْبَةً إِلَى بِلَادِ الْمَلَايُو.
وَجَعَلَ ذَلِكَ آيَاتٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ لِمَا عُلِمَتْ مِنْ تَفَاصِيلِ دَلَائِلِهِ وَعِلَلِهِ، أَيْ آيَاتٍ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ آنِفًا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الرّوم: ٢١] .
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِلْعالِمِينَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا. وَجَعَلَ ذَلِكَ آيَاتٍ لِلْعَالَمِينَ لِأَنَّهُ مُقَرَّرٌ مَعْلُومٌ لَدَيْهِمْ يُمَكِّنُهُمُ الشُّعُورَ بِآيَاتِهِ بِمُجَرَّدِ الْتِفَاتِ الذِّهْنِ دُونَ إِمْعَانِ نَظَرٍ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ لِلْعالِمِينَ بِفَتْحِ اللَّامِ. وَقَرَأَهُ حَفْصٌ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ لأولي الْعلم.
[٢٣]
[سُورَة الرّوم (٣٠) : آيَة ٢٣]
وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣)
هَذِهِ آيَةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ كَائِنَةٌ فِي أَعْرَاضٍ مِنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ لَا يَخْلُو عَنْهَا أَحَدٌ مِنْ
(١) كوقيي: عَالم طبيعي فرنسي ولد سنة ١٧٦٩ وَتوفى سنة ١٨٣٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute