[سُورَة الْحَدِيد (٥٧) : آيَة ٢٦]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٦)
مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ [الْحَدِيد: ٢٥] عَطَفَ الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ لَمَّا أُرِيدَ تَفْصِيلٌ لِإِجْمَالِهِ تَفْصِيلًا يُسَجِّلُ بِهِ انْحِرَافَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ وَالضَّالِّينَ مِنَ الْيَهُودِ عَنْ مَنَاهِجِ أَبَوَيْهِمَا: نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ، قَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً [الْإِسْرَاء: ٣] ، وَالْعَرَبُ لَا يَنْسَوْنَ أَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ يَمْدَحُ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ:
فَأَلْفَيْتَ الْأَمَانَةَ لَمْ تَخُنْهَا ... كَذَلِكَ كَانَ نُوحٌ لَا يَخُونُ
وَالنُّبُوءَةُ فِي ذُرِّيَّتِهِمَا كَنُبُوءَةِ هُودٍ وَصَالِحٍ وَتُبَّعٍ وَنُبُوءَةِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَشُعَيْبٍ وَيَعْقُوبَ.
وَالْمُرَادُ بِ الْكِتابَ مَا كَانَ بِيَدِ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ وَذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا أُصُولُ دِيَانَتِهِمْ مِنْ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمَا حَفِظُوهُ مِنْ وَصَايَاهُ وَوَصَايَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ.
وَالْفِسْقُ: الْخُرُوجُ عَنِ الِاهْتِدَاءِ، وَمِنَ الْفَاسِقِينَ: الْمُشْرِكُونَ مِنْ عَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ لُوطٍ وَالْيَمَنِ وَالْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ، وَمِنْ مَدْيَنَ وَالْحِجَازِ وَتِهَامَةَ وَهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ.
وَالْمُرَادُ: مَنْ أَشْرَكُوا قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ: ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [الْحَدِيد: ٢٧] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute