أَضْدَادِهِمْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ التَّنْوِيهَ بِهِمْ بِأَنَّ إِيمَانَهُمْ أَنْجَاهُمْ مِنَ الْجَحِيمِ.
وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَكَذَّبُوا بِالْقُرْآنِ مَا يَشْمَلُ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى عَلَى تَفَاوُتٍ بَيْنَهُمْ فِي دَرَكَاتِ الْجَحِيمِ، فَالْمُشْرِكُونَ اسْتَحَقُّوا الْجَحِيمَ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِ كُفْرِهِمْ، وَالْيَهُودُ اسْتَحَقُّوهُ مِنْ يَوْمِ كَذَّبُوا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالنَّصَارَى اسْتَحَقَّهُ بَعْضُهُمْ حِينَ أَثْبَتُوا لِلَّهِ ابْنًا وَبَعْضُهُمْ مِنْ حِينِ تَكْذِيبِهِمْ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي اسْتِحْضَارِهِمْ بِتَعْرِيفِ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ جَدِيرُونَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ. وَلَمْ يُؤْتَ فِي خَبَرِهِمْ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ إِذْ لَا يُظَنُّ أَنَّ غَيْرَهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ.
وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمْ بِأَصْحَابِ مُضَافٌ إِلَى الْجَحِيمِ دَلَالَةٌ عَلَى شِدَّةِ مُلَازَمَتِهِمْ لِلْجَحِيمِ.
[٢٠]
[سُورَة الْحَدِيد (٥٧) : آيَة ٢٠]
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (٢٠)
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ.
أَعْقَبَ التَّحْرِيضَ عَلَى الصَّدَقَاتِ وَالْإِنْفَاقِ بِالْإِشَارَةِ إِلَى دَحْضِ سَبَبِ الشُّحِّ أَنَّهُ الْحِرْصُ عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْمَالِ لِإِنْفَاقِهِ فِي لَذَائِذِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَضُرِبَ لَهُمْ مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِحَالٍ مُحَقَّرَةٍ عَلَى أَنَّهَا زَائِلَةٌ تَحْقِيرًا لِحَاصِلِهَا وَتَزْهِيدًا فِيهَا لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِهَا يَعُوقُ عَنِ الْفَلَاحِ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الْحَشْر: ٩] ، وَقَالَ: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً [النِّسَاء: ١٢٨] .
كُلُّ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ الْحَثِّ عَلَى الْإِنْفَاقِ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، وَأُشِيرَ إِلَى أَنَّهَا يَنْبَغِي أَنْ تُتَّخَذَ الْحَيَاةُ وَسِيلَةً لِلنَّعِيمِ الدَّائِمِ فِي الْآخِرَةِ، وَوِقَايَةً مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ، وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute