و (مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ) بَيَانٌ لِ زَوْجانِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُبَيِّنِ لِرَعْيِ الْفَاصِلَةِ.
وَتَخَلُّلُ هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ بِآيَاتِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ جَارٍ عَلَى وَجْهِ الْاِعْتِرَاضِ وَعَلَى أَنَّهُ مُجَرَّدُ تَكْرِيرٍ كَمَا تقدم أولاها.
[٥٤]
[سُورَة الرَّحْمَن (٥٥) : آيَة ٥٤]
مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤)
حَالٌ مِنْ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَجِيءَ بِالْحَالِ صِيغَةَ جمع بِاعْتِبَار معنى صَاحِبِ الْحَالِ وَصَلَاحِيَةِ لَفْظِهِ لِلْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ، لَا بِاعْتِبَارِ وُقُوعِ صِلَتِهِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ فَإِنَّ ذَلِكَ اعْتِبَارٌ بِكَوْنِ (مَنْ) مُفْرَدَةَ اللَّفْظِ.
وَالْمَعْنَى: أُعْطُوا الْجِنَانَ وَاسْتَقَرُّوا بِهَا وَاتَّكَئُوا عَلَى فُرُشٍ.
وَالْاِتِّكَاءُ: افْتِعَالٌ مِنَ الْوَكْءِ مَهْمُوزُ اللَّامِ وَهُوَ الْاِعْتِمَادُ، فَصَارَ الْاِتِّكَاءُ اسْمًا لِاعْتِمَادِ الْجَالِسِ وَمِرْفَقِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَجَنْبِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَهِيَ هَيْئَةٌ بَيْنَ الْاِضْطِجَاعِ عَلَى الْجَنْبِ وَالْقُعُودِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً فِي سُورَةِ يُوسُفَ [٣١] ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ.
وَفُرُشٌ: جَمْعُ فِرَاشٍ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ. وَالْفِرَاشُ أَصْلُهُ مَا يُفْرَشُ، أَيْ يُبْسَطُ عَلَى الْأَرْضِ لِلنَّوْمِ وَالْاِضْطِجَاعِ.
ثُمَّ أَطْلَقَ الْفِرَاشُ عَلَى السَّرِيرِ الْمُرْتَفِعِ عَلَى الْأَرْضِ بِسُوقٍ لِأَنَّهُ يُوضَعُ عَلَيْهِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُفْرَشَ عَلَى الْأَرْضِ تَسْمِيَةً بِاسْمِ مَا جُعِلَ فِيهِ، وَلِذَلِكَ وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ [١٥، ١٦] فِي قَوْلِهِ: عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ وَفِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ [٤٤] عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ.
وَالْمُعَبِّرُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُرُشِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ السُّرُرُ الَّتِي عَلَيْهَا الْفُرُشُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute