مَا فِي الْأَرْضِ وَزِيَادَةً فَلَمْ تَبْقَ جَدْوَى لِفَرْضِ الِافْتِدَاءِ بِمَا فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ قَدِ انْدَرَجَ فِي مِثْلِه الَّذِي مَعَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُجْرَى الضَّمِيرُ مَجْرَى اسْمِ الْإِشَارَةِ فِي صِحَّةِ اسْتِعْمَالِهِ مُفْرَدًا مَعَ كَوْنِهِ عَائِدًا إِلَى مُتَعَدِّدٍ عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْمَذْكُورِ وَهَذَا شَائِعٌ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ [الْبَقَرَة: ٦٨] أَيْ بَيْنَ الْفَارِضِ وَالْبِكْرِ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً [الْفرْقَان:
٦٨] إِشَارَةُ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الْفرْقَان: ٦٨] ، لِأَنَّ الْإِشَارَةَ صَالِحَةٌ لِلشَّيْءِ وَلِلْأَشْيَاءِ، وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الضَّمِيرِ، لِأَنَّ صِيَغَ الضَّمَائِرِ كَثِيرَةٌ مُنَاسِبَةٌ لِمَا تَعُودُ إِلَيْهِ فَخُرُوجُهَا عَنْ ذَلِكَ عُدُولٌ عَنْ أَصْلِ الْوَضْعِ، وَهُوَ قَلِيلٌ وَلَكِنَّهُ فَصِيحٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ [الْأَنْعَام: ٤٦] أَيْ بِالْمَذْكُورِ.
وَقَدْ جَعَلَهُ فِي «الْكَشَّافِ» مَحْمُولًا عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَهُ رُؤْبَةُ لَمَّا. أَنْشَدَ قَوْلَهُ:
فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ ... كَأَنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قُلْتُ: لِرُؤْبَةَ إِنْ أَرَدْتَ الْخُطُوطَ فَقُلْ: كَأَنَّهَا، وَإِنْ أَرَدْتَ السَّوَادَ فَقُلْ: كَأَنَّهُمَا، فَقَالَ: أَرَدْتُ كَأَنَّ ذَلِكَ وَيْلَكَ. وَمِنْهُ فِي الضَّمِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً [النِّسَاء: ٤] . وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٦٨] .
وَقَوْلُهُ: وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ أَيْ دَائِمٌ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ: وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها.
[٣٨، ٣٩]
[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : الْآيَات ٣٨ إِلَى ٣٩]
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩)
جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ [الْمَائِدَة: ٣٣] . وَالسَّارِقُ
مُبْتَدَأٌ