للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة آل عمرَان (٣) : الْآيَات ٨٧ إِلَى ٨٩]

أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خالِدِينَ فِيها لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩)

الْإِشَارَةُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرِيَاءُ بِمَا يَرِدُ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنَ الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ- إِلَى قَوْلِهِ- أَجْمَعِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٦١] . وَتَقَدَّمَ أَيْضًا مَعْنَى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٦٠] ، وَمَعْنَى فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ الْكِنَايَةُ عَنِ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ. قِيلَ نَزَلَتْ فِي الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الَّذِي ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِقُرَيْشٍ وَقِيلَ بِنَصَارَى الشَّامِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى قَوْمِهِ لِيَسْأَلَهُمْ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَأَسْلَمَ وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ عِلَّةٌ لِكَلَامٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ اللَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ لِأَنَّهُ غَفُور رَحِيم.

[٩٠]

[سُورَة آل عمرَان (٣) : آيَة ٩٠]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٩٠)

قَالَ قَتَادَةُ، وَعَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْيَهُودِ، وَعَلَيْهِ فَالْمَوْصُولُ بِمَعْنَى لَامِ الْعَهْدِ، فَالْيَهُودُ بَعْدَ أَنْ آمَنُوا بِمُوسَى كَفَرُوا بِعِيسَى وَازْدَادُوا كُفْرًا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقِيلَ أُرِيدَ بِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: فَالْيَهُودُ كَمَا عَلِمْتَ، وَالنَّصَارَى آمَنُوا بِعِيسَى ثُمَّ كَفَرُوا فَعَبَدُوهُ وَأَلَّهُوهُ ثمَّ ازدادوا كفرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَتَأْوِيلُ لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ إِمَّا أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ أَنَّهُمْ لَا يَتُوبُونَ فَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ [الْبَقَرَة: ٤٨] أَيْ لَا شَفَاعَةَ لَهَا فَتُقْبَلُ وَهَذَا كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ.

عَلَى لَاحِبٍ لَا يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ أَيْ لَا مَنَارَ لَهُ، إِذْ قَدْ عُلِمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ أَنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ وَدَلِيلُهُ الْحَصْرُ الْمَقْصُودُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِهِ: وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ. وَإِمَّا أَنَّ اللَّهَ نَهَى نَبِيَّهُ عَنِ الِاغْتِرَارِ بِمَا يُظْهِرُونَهُ