بِحَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَوْ ذُكِرَتِ الْوَاوُ لَجَازَ كَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ [٤] إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ.
وَعَبَّرَ عَنِ الرُّسُلِ بِصِفَةِ الْإِنْذَارِ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ للتهديد بالإهلاك.
[٢٠٩]
[سُورَة الشُّعَرَاء (٢٦) : آيَة ٢٠٩]
ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩)
أَيْ هَذِهِ ذِكْرَى، فَذِكْرَى فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةُ السِّيَاقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ [٣٥] بَلاغٌ أَيْ هَذَا بَلَاغٌ، وَفِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ [٥٢] هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَفِي سُورَةِ ص [٤٩] هَذَا ذِكْرٌ. وَالْمَعْنَى: هَذِهِ ذِكْرَى لَكُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ. وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ أَحْسَنُ الْوُجُوهِ فِي مَوْقِعِ قَوْلِهِ: ذِكْرى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِ وَالْفَرَّاءِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي تَقْدِيرِ الْمَحْذُوفِ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: لَيْسَ فِي الشُّعَرَاءِ وَقْفٌ تَامٌّ إِلَّا قَوْلَهُ: إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ [الشُّعَرَاء: ٢٠٨] .
وَقَدْ تَرَدَّدَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي مَوْقِعِ قَوْلِهِ: ذِكْرى بِوُجُوهٍ جَعَلَهَا جَمِيعًا عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِ: ذِكْرى تَكْمِلَةً لِلْكَلَامِ السَّابِقِ وَهِيَ غَيْرُ خَلِيَّةٍ عَنْ تَكَلُّفٍ. وَالذِّكْرَى: اسْمُ مَصْدَرِ ذَكَّرَ.
وَجُمْلَةُ: وَما كُنَّا ظالِمِينَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً على ذِكْرى أَي نذكّركم وَلَا نظلم، وَأَن تكون حَالا من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي ذِكْرى لِأَنَّهُ كَالْمَصْدَرِ يَقْتَضِي مُسْنَدًا إِلَيْهِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَمُفَادُ وَما كُنَّا ظالِمِينَ الْإِعْذَارُ لِكَفَّارِ قُرَيْشٍ وَالْإِنْذَارُ بِأَنَّهُمْ سَيَحِلُّ بِهِمْ هَلَاكٌ.
وَحَذْفُ مَفْعُولِ ظالِمِينَ لِقَصْدِ تَعْمِيمِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الْكَهْف: ٤٩] .
[٢١٠- ٢١٢]
[سُورَة الشُّعَرَاء (٢٦) : الْآيَات ٢١٠ إِلَى ٢١٢]
وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ [الشُّعَرَاء: ١٩٢] وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ اسْتَدْعَاهُ تَنَاسُبُ الْمَعَانِي وَأَخْذُ بَعْضِهَا بِحُجَزِ بَعْضٍ تَفَنُّنًا فِي الْغَرَضِ. وَهَذَا رَدٌّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute