للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الِانْحِطَاطِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ، وَلِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنِ النَّظَرِ فِي أَدِلَّةِ صِدْقِ الرُّسُلِ كُفْرٌ بِنِعْمَةِ الْعقل وَالنَّظَر.

[٣٩، ٤٠]

[سُورَة يُوسُف (١٢) : الْآيَات ٣٩ إِلَى ٤٠]

يَا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠)

استيناف ابْتِدَائِيٌّ مُصَدَّرٌ بِتَوْجِيهِ الْخِطَابِ إِلَى الْفَتَيَيْنِ بِطَرِيقِ النِّدَاءِ الْمُسْتَرْعِي سَمْعَهُمَا إِلَى مَا يَقُولُهُ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ.

وَعَبَّرَ عَنْهُمَا بِوَصْفِ الصُّحْبَةِ فِي السَّجْنِ دُونَ اسْمَيْهِمَا إِمَّا لِجَهْلِ اسْمَيْهِمَا عِنْدَهُ إِذْ كَانَا قَدْ دَخَلَا السِّجْنَ مَعَهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ قَبْلَ أَنْ تَطُولَ الْمُعَاشَرَةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ، وَإِمَّا لِلْإِيذَانِ بِمَا حَدَثَ مِنَ الصِّلَةِ بَيْنَهُمَا وَهِيَ صِلَةُ الْمُمَاثَلَةِ فِي الضَّرَّاءِ الْإِلْفَ فِي الْوَحْشَةِ، فَإِنَّ الْمُوَافَقَةَ فِي الْأَحْوَالِ صِلَةٌ تَقُومُ مَقَامَ صِلَةِ الْقَرَابَةِ أَوْ تَفُوقُهَا.

وَاتَّفَقَ الْقُرَّاءُ عَلَى- كَسْرِ سِينِ- السِّجْنِ هُنَا بِمَعْنَى الْبَيْتِ الَّذِي يُسْجَنُ فِيهِ الْمُعَاقَبُونَ، لِأَنَّ الصَّاحِبَ لَا يُضَافُ إِلَى السِّجْنِ إِلَّا بِمَعْنَى الْمَكَانِ.

وَالْإِضَافَةُ هُنَا عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الظَّرْفِيَّةِ، مِثْلَ: مَكْرُ اللَّيْلِ، أَيْ يَا صَاحِبَيْنِ فِي السِّجْنِ.

وَأَرَادَ بِالْكَلَامِ الَّذِي كَلَّمَهُمَا بِهِ تَقْرِيرَهُمَا بِإِبْطَالِ دِينِهِمَا، فَالِاسْتِفْهَامُ تَقْرِيرِيٌّ. وَقَدْ رَتَّبَ لَهُمَا الِاسْتِدْلَالُ بِوَجْهٍ خِطَابِيٍّ قَرِيبٍ مِنْ أَفْهَامِ الْعَامَّةِ، إِذْ