للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكُونُ عَالِمًا بِدَقَائِقِ حَرَكَاتِ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ وَهِيَ بَيْنَ ظَاهِرٍ وَخَفِيٍّ، فَلِذَلِكَ قَالَ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ.

وَالْمُخَاطَبُ هُنَا هُمُ الْمُخَاطَبُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَلا تَذَكَّرُونَ [سُورَة النَّحْل: ١٧] .

وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالتَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ بِأَنَّ اللَّهَ مُحَاسِبُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ.

وَفِيهِ إِعْلَامٌ بِأَنَّ أَصْنَامَهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْقَصْرَ لِرَدِّ دَعْوَى الشَّرِكَةِ.

وَقَرَأَ حَفْصٌ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ فِيهِمَا، وَهُوَ الْتِفَاتٌ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ. وَعَلَى قِرَاءَتِهِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ أَظْهَرُ فِي التَّهْدِيدِ مِنْهَا فِي قصد التَّعْلِيم.

[٢٠، ٢١]

[سُورَة النَّحْل (١٦) : الْآيَات ٢٠ إِلَى ٢١]

وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ [سُورَة النَّحْل: ١٧] وَجُمْلَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ [سُورَة النَّحْل: ١٩] .

وَمَا صدق الَّذِينَ الْأَصْنَامُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخِطَابَ هُنَا مُتَمَحِّضٌ لِلْمُشْرِكِينَ وَهُمْ بَعْضُ الْمُخَاطَبِينَ فِي الضَّمَائِرِ السَّابِقَةِ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ التَّصْرِيحُ بِمَا اسْتُفِيدَ ضِمْنًا مِمَّا قَبْلَهَا وَهُوَ نَفْيُ الْخَالِقِيَّةِ وَنَفْيُ الْعِلْمِ عَنِ الْأَصْنَامِ.

فَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ جُمْلَةُ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً اسْتُفِيدَ مِنْ جُمْلَةِ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ. [سُورَة النَّحْل: ١٧] وَعَطْفُ وَهُمْ يُخْلَقُونَ ارْتِقَاءٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى انْتِفَاءِ إِلَهِيَّتِهَا.

وَالْخَبَرُ الثَّانِي وَهُوَ جُمْلَةُ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ تَصْرِيحٌ بِمَا اسْتُفِيدَ مِنْ جُمْلَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ [سُورَة النَّحْل: ١٩] بِطَرِيقَةِ نَفْيِ الشَّيْءِ بِنَفْيِ مَلْزُومِهِ.