للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة مَرْيَم (١٩) : آيَة ٢٩]

فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩)

أَيْ أَشَارَتْ إِلَيْهِ إِشَارَةً دَلَّتْ عَلَى أَنَّهَا تُحِيلُهُمْ عَلَيْهِ لِيَسْأَلُوهُ عَنْ قِصَّتِهِ، أَوْ أَشَارَتْ إِلَى أَنْ يَسْمَعُوا مِنْهُ الْجَوَابَ عَنْ تَوْبِيخِهِمْ إِيَّاهَا وَقَدْ فَهِمُوا ذَلِكَ مِنْ إِشَارَتِهَا.

وَلَمَّا كَانَتْ إِشَارَتُهَا بِمَنْزِلَةِ مُرَاجَعَةِ كَلَامٍ حُكِيَ حِوَارُهُمُ الْوَاقِعُ عَقِبَ الْإِشَارَةِ بِجُمْلَةِ الْقَوْلِ مَفْصُولَةٍ غَيْرِ مَعْطُوفَةٍ.

وَالِاسْتِفْهَامُ: إِنْكَارٌ أَنْكَرُوا أَنْ يُكَلِّمُوا مَنْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَأَنْكَرُوا أَنْ تُحِيلَهُمْ عَلَى مُكَالَمَتِهِ، أَيْ كَيْفَ نَتَرَقَّبُ مِنْهُ الْجَوَابَ أَوْ كَيْفَ نُلْقِي عَلَيْهِ السُّؤَالَ، لِأَنَّ الْحَالَتَيْنِ تَقْتَضِيَانِ التَّكَلُّمَ.

وَزِيَادَةُ فِعْلِ الْكَوْنِ فِي مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِ الْمَظْرُوفِيَّةِ فِي الْمَهْدِ مِنْ هَذَا الَّذِي أُحِيلُوا عَلَى مُكَالَمَتِهِ، وَذَلِكَ مُبَالَغَةٌ مِنْهُمْ فِي الْإِنْكَارِ، وَتَعَجُّبٌ مِنِ اسْتِخْفَافِهَا بِهِمْ. فَفِعْلُ (كَانَ) زَائِدٌ لِلتَّوْكِيدِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ لِأَنَّ (كَانَ) الزَّائِدَةُ تَكُونُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي غَالِبًا.

وَقَوْلُهُ فِي الْمَهْدِ خَبَرٌ (مِنَ) الْمَوْصُولَةِ.

وصَبِيًّا حَالٌ مِنِ اسْم الْمَوْصُول.

و (المهد) فِرَاشُ الصَّبِيِّ وَمَا يمهد لوضعه.