للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آلِهَتِهِمُ الَّتِي أَشْرَكُوا بِهَا وَكَانُوا يَحْسَبُونَهَا شُفَعَاءَ عِنْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا نَظَرُوا وَقَلَّبُوا النَّظَرَ فَلَمْ يَجِدُوا شُفَعَاءَ خَابُوا وَخَسِئُوا وَأُبْلِسُوا، وَلَهُمْ أَسْبَابُ خَيْبَةٍ أُخْرَى لَمْ يَتَعَلَّقِ الْغَرَضُ بِذِكْرِهَا.

وَأَمَّا مَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ فَذَلِكَ حَالَةُ يَأْسٍ لَا حَالَةُ إِبْلَاسٍ. ومِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ مِنْ قَبِيلِ التَّجْرِيدِ.

وَنَفْيُ فِعْلِ يَكُنْ بِ لَمْ الَّتِي تُخَلِّصُ الْمُضَارِعَ لِلْمُضِيِّ لِلْإِشَارَةِ إِلَى تَحْقِيقِ حُصُولِ هَذَا النَّفْيِ مِثْلَ قَوْلِهِ أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النَّحْل: ١] .

وَمُقَابَلَةُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ بِصِيغَةِ جَمْعِ الشُّرَكَاءِ مِنْ بَابِ التَّوْزِيعِ، أَيْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُجْرِمِينَ أَحَدٌ شَفِيعٌ فَضْلًا عَنْ عِدَّةِ شُفَعَاءَ.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَكْفُرُونَ بِهِمْ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [العنكبوت:

٢٥] .

وَكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ شُفَعَؤُا بِوَاوٍ بَعْدَ الْعَيْنِ وَأَلِفٍ بَعْدَ الْوَاوِ، أَرَادُوا بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْأَلِفِ أَنْ يُنَبِّهُوا عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ لِيُعْلَمَ أَنَّ شُفَعاءُ اسْمُ (كَانَ) وَأَنْ لَيْسَ اسْمُهَا قَوْلَهُ مِنْ شُرَكائِهِمْ بِتَوَهُّمِ أَنَّ مِنْ اسْمٌ بِمَعْنَى بَعْضٍ، أَوْ أَنَّهَا مَزِيدَةٌ فِي النَّفْيِ،

فَأَثْبَتُوا الْوَاوَ تَحْقِيقًا لِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَأَثْبَتُوا الْأَلِفَ لِأَنَّ الْأَلِفَ صُورَة للهمزة.

[١٤- ١٦]

[سُورَة الرّوم (٣٠) : الْآيَات ١٤ إِلَى ١٦]

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦)

أُعِيدَ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ لِزِيَادَةِ التَّهْوِيلِ الَّذِي تَقَدَّمَ بَيَانُهُ آنِفًا. وَكَرَّرَ يَوْمَئِذٍ لِتَأْكِيدِ حَقِيقَةِ الظَّرْفِيَّةِ. وَلَمَّا ذُكِرَ إِبْلَاسُ الْمُشْرِكِينَ الْمُشْعِرُ بِتَوَقُّعِهِمُ السُّوءَ وَالْعَذَابَ أَعْقَبَ بِتَفْصِيلِ أَحْوَالِ النَّاسِ يَوْمئِذٍ مَعَ بَيَانِ مَغَبَّةِ إِبْلَاسِ الْفَرِيقِ الْكَافِرِينَ.

وَالضَّمِيرُ فِي يَتَفَرَّقُونَ عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنَ الْمَقَامِ دَلَّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْمُجْرِمِينَ فَعُلِمَ