للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اعْتِرَاضًا بَيْنَ جُمْلَةِ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَجُمْلَة أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ [الزخرف: ١٨] .

وَاسْتِعْمَالُ الْبِشَارَةِ هُنَا تَهَكُّمٌ بِهِمْ كَقَوْلِهِ: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [الإنشقاق: ٢] لِأَنَّ الْبِشَارَةَ إِعْلَامٌ بِحُصُولِ أَمْرٍ مُسَرٍّ.

وَ (مَا) فِي قَوْلِهِ: بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا مَوْصُولَةٌ، أَيْ بُشِّرَ بِالْجِنْسِ الَّذِي ضَرَبَهُ، أَيْ جَعَلَهُ مَثَلًا وَشَبَهًا لِلَّهِ فِي الْإِلَهِيَّةِ، وَإِذْ جَعَلُوا جِنْسَ الْأُنْثَى جُزْءًا لِلَّهِ، أَيْ مُنْفَصِلًا مِنْهُ فَالْمُبَشَّرُ بِهِ جِنْسُ الْأُنْثَى، وَالْجِنْسُ لَا يَتَعَيَّنُ. فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ بُشِّرَ بِمِثْلِ مَا ضربه للرحمان مَثَلًا.

وَالْمَثَلُ: الشَّبِيهُ.

وَالضَّرْبُ: الْجَعْلُ وَالصُّنْعُ، وَمِنْهُ ضَرْبُ الدِّينَارِ، وَقَوْلُهُمْ: ضَرْبَة لازب، فَمَا صدق

بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا هُوَ الْإِنَاثُ.

وَمَعْنَى ظَلَّ هُنَا: صَارَ، فَإِنَّ الْأَفْعَالَ النَّاقِصَةَ الْخَمْسَةَ الْمُفْتَتَحَ بِهَا بَابُ الْأَفْعَالِ النَّاقِصَةِ، تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى صَارَ.

وَاسْوِدَادُ الْوَجْهِ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ وَالْغَيْظِ إِذْ يَصْعَدُ الدَّمُ إِلَى الْوَجْهِ فَتَصِيرُ حُمْرَتُهُ إِلَى سَوَادٍ، وَالْمَعْنَى: تَغَيَّظَ.

وَالْكَظِيمُ: الْمُمْسِكُ، أَيْ عَنِ الْكَلَامِ كربا وحزنا.

[١٨]

[سُورَة الزخرف (٤٣) : آيَة ١٨]

أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨)

عَطْفُ إِنْكَارٍ عَلَى إِنْكَارٍ، وَالْوَاوُ عَاطِفَةُ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ لِأَنَّ لِلِاسْتِفْهَامِ الصَّدْرَ وَأَصْلُ التَّرْتِيبِ: وَأَمَنْ يُنَشَّأُ. وَجُمْلَةُ الِاسْتِفْهَامِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْإِنْكَارِ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ أَمِ فِي قَوْلِهِ: أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ [الزخرف: ١٦] . وَلِذَلِكَ يكون مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ اتَّخَذَ