للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُلِّ خَبَرٍ فِيهِ ذِكْرٌ لِلْمَسِيحِيَّةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَعْضَ الْيَهُودِ أَوَوْا إِلَى بَعْضِ الْكُهُوفِ فِي الِاضْطِهَادَاتِ الَّتِي أَصَابَتِ الْيَهُودَ وَكَانُوا يَأْوُونَ إِلَى الْكُهُوفِ.

وَيُوجِدُ مَكَانٌ بِأَرْضِ سَكْرَةَ قُرْبَ الْمَرْسَى مِنْ أَحْوَازِ تُونِسَ فِيهِ كُهُوفٌ صِنَاعِيَّةٌ حَقَّقَ لِي بَعْضُ عُلَمَاءِ الْآثَارِ مِنَ الرُّهْبَانِ النَّصَارَى بِتُونِسَ أَنَّهَا كَانَتْ مَخَابِئَ لِلْيَهُودِ يَخْتَفُونَ فِيهَا مِنِ

اضْطِهَادِ الرُّومَانِ الْقَرْطَاجَنِّيِّينَ لَهُمْ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ كِلْتَا الْمِلَّتَيْنِ الْيَهُودِيَّة والنصرانية خَبرا عَنْ قَوْمٍ مِنْ صَالِحِيهِمْ عُرِفُوا بِأَهْلِ الْكَهْفِ أَوْ كَانُوا جَمَاعَةً وَاحِدَةً ادَّعَى أَهْلُ كِلْتَا الْمِلَّتَيْنِ خَبَرَهَا لِصَالِحِي مِلَّتِهِ، وَبُنِيَ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافٌ فِي تَسْمِيَةِ الْبِلَادِ الَّتِي كَانَ بِهَا كَهْفُهُمْ.

قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي «الرَّوْضِ الْأُنُفِ» : وَأَصْحَابُ الْكَهْفِ مِنْ أُمَّةٍ عَجَمِيَّةٍ وَالنَّصَارَى يَعْرِفُونَ حَدِيثَهُمْ ويؤرخون بِهِ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ طَرَفٌ مِنْ هَذَا عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى:

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ فِي سُورَة الْإِسْرَاء [٨٥] .

[١٠]

[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ١٠]

إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠)

(إِذْ) ظَرْفٌ مُضَافٌ إِلَى الْجُمْلَةِ بَعْدَهُ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ ب كانُوا [الْكَهْف: ٩] فَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُتَّصِلَةً بِالَّتِي قَبْلَهَا.

وَيَجُوزُ كَوْنُ الظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: اذْكُرْ، فَتَكُونُ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قبلهَا. وأيا مَا كَانَ فَالْمَقْصُودُ إِجْمَالُ قِصَّتِهِمِ ابْتِدَاءً، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ قِصَّتَهُمْ لَيْسَتْ أَعْجَبَ آيَاتِ اللَّهِ، مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْعِنَايَةِ إِنَّمَا كَانَ تَأْيِيدًا لَهُمْ لِأَجْلِ إِيمَانِهِمْ، فَلِذَلِكَ عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً.