للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْإِرْهَاقُ: تَعْدِيَةُ رَهَقَ، إِذَا غَشِيَ وَلَحِقَ، أَيْ لَا تُغْشِنِي عُسْرًا. وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي الْمُعَامَلَةِ بِالشِّدَّةِ.

وَالْإِرْهَاقُ: مُسْتَعَارٌ لِلْمُعَامَلَةِ وَالْمُقَابَلَةِ.

وَالْعُسْرُ: الشِّدَّةُ وَضِدُّ الْيُسْرِ. وَالْمُرَادُ هُنَا: عُسْرُ الْمُعَامَلَةِ، أَيْ عَدَمُ التَّسَامُحِ مَعَهُ فِيمَا فَعَلَهُ فَهُوَ يَسْأَلُهُ الْإِغْضَاءَ وَالصَّفْحَ.

وَالْأَمْرُ: الشَّأْنُ.

وَ (مِنْ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ابْتِدَائِيَّةً، فَكَوْنُ الْمُرَادِ بِأَمْرِهِ نِسْيَانَهُ، أَيْ لَا تَجْعَلْ نِسْيَانِي مُنْشِئًا لِإِرْهَاقِي عُسْرًا. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَيَانِيَّةً فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِأَمْرِهِ شَأْنَهُ مَعَهُ، أَيْ لَا تَجْعَلْ شَأْنِي إِرْهَاقَكَ إيَّايَ عسرا.

[٧٤]

[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ٧٤]

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤)

يَدُلُّ تَفْرِيعُ قَوْلِهِ: فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً عَنِ اعْتِذَارِ مُوسَى، عَلَى أَنَّ الْخَضِرَ قَبِلَ عُذْرَهُ وَانْطَلَقَا مُصْطَحِبَيْنِ.

وَالْقَوْلُ فِي نَظْمِ قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً كَالْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ [الْكَهْف: ٧١] .

وَقَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ تَعْقِيبٌ لِفِعْلِ لَقِيا تَأْكِيدًا لِلْمُبَادَرَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ تَقْدِيمِ الظَّرْفِ، فَكَانَتِ الْمُبَادَرَةُ بِقَتْلِ الْغُلَامِ عِنْدَ لِقَائِهِ أَسْرَعَ مِنَ الْمُبَادَرَةِ بِخَرْقِ السَّفِينَةِ حِينَ رُكُوبِهَا.

وَكَلَامُ مُوسَى فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ جَرَى عَلَى نَسَقِ كَلَامِهِ فِي إِنْكَارِ خَرْقِ السَّفِينَةِ