مِنْ مَزَاعِمِكُمُ الْكَاذِبَةِ فِيمَا حَرَّمْتُمْ وَفَصَّلْتُمْ، فَهَذَا
هُوَ الْوَجْهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا.
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى عَامِلِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْعَهْدِ وَصَرْفِ ذهن السّامع عِنْد، لِيَتَقَرَّرَ فِي ذِهْنِهِ مَا يَرِدُ بَعْدَهُ مِنَ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ، أَيْ إِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ مِدْحَةً فَعَهْدُ اللَّهِ أَوْلَى بِالْوَفَاءِ وَأَنْتُمْ قَدِ اخْتَرْتُمُوهُ، فَهَذَا كَقَوْلِه تَعَالَى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ- ثُمَّ قَالَ- وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ [الْبَقَرَة: ٢١٧] .
ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
تَكْرَارٌ لِقَوْلِهِ الْمُمَاثِلِ لَهُ قَبْلَهُ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا التَّذْيِيلَ خُتِمَ بِهِ صِنْفٌ مِنْ أَصْنَافِ الْأَحْكَامِ. وَجَاءَ مَعَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
لِأَنَّ هَذِهِ الْمَطَالِبَ الْأَرْبَعَةَ عُرِفَ بَيْنَ الْعَرَبِ أَنَّهَا مَحَامِدُ، فَالْأَمْرُ بِهَا، وَالتَّحْرِيضُ عَلَيْهَا تَذْكِيرٌ بِمَا عَرَفُوهُ فِي شَأْنِهَا وَلَكِنَّهُمْ تَنَاسَوْهُ بِغَلَبَةِ الْهَوَى وَغِشَاوَةِ الشِّرْكِ عَلَى قُلُوبِهِمْ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ عَامِرٍ، وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَيَعْقُوبُ: تَذَّكَّرُونَ- بِتَشْدِيدِ الذَّالِ لِإِدْغَامِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ فِي الذَّالِ بَعْدَ قَلْبِهَا-، وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ، وَخَلَفٍ- بِتَخْفِيفِ الذَّالِ عَلَى حَذْفِ التَّاءِ الثّانية تَخْفِيفًا-.
[١٥٣]
[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : آيَة ١٥٣]
وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute