للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١٥٣)

الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [الْأَنْعَام: ١٥١] لِتَمَاثُلِ الْمَعْطُوفَاتِ فِي أَغْرَاضِ الْخِطَابِ وَتَرْتِيبِهِ، وَفِي تَخَلُّلِ التَّذْيِيلَاتِ الَّتِي عَقِبَتْ تِلْكَ الْأَغْرَاضَ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الْأَنْعَام: ١٥١]- لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

[الْأَنْعَام: ١٥٢]- لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وَهَذَا كَلَامٌ جَامِعٌ لِاتِّبَاعِ مَا يَجِيءُ إِلَى الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ فِي الْقُرْآنِ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَعَاصِمٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ: أَنَّ- بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ-.

وَعَنِ الْفَرَّاءِ وَالْكِسَائِيِّ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى: مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ [الْأَنْعَام: ١٥١] ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلِ: أَتْلُ وَالتَّقْدِيرُ: وَأَتْلُ عَلَيْكُمْ أَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا.

وَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ: أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَنْ تُحْمَلَ (أَنَّ) ، أَيْ تُعَلَّقَ عَلَى قَوْلِهِ:

فَاتَّبِعُوهُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلِأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ [قُرَيْشٍ: ١] . وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً [الْجِنّ: ١٨] الْمَعْنَى: وَلِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوَا مَعَ الله أحدا اه.

فَ أَنَّ مَدْخُولَةٌ لِلَامِ التَّعْلِيلِ مَحْذُوفَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ حَذْفِهَا مَعَ (أَنَّ) وَ (أَنْ) . وَتَقْدِيرُ النَّظْمِ: وَاتَّبِعُوا صِرَاطِي لِأَنَّهُ صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ، فَوَقَعَ تَحْوِيلٌ فِي النَّظْمِ بِتَقْدِيرِ التَّعْلِيلِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا، فَصَارَ التّعليل مَعْطُوفًا لتقديمه ليُفِيد تَقْدِيمه تفرّع المعلّل وتسبّبه، فَيكون التَّعْلِيلُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ بِسَبَبِ هَذَا التَّقْدِيمِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لَمَّا كَانَ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ.

وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ: وَإِنَّ- بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ- فَلَا تَحْوِيلَ فِي نظم الْكَلَام، وَيكون قَوْلُهُ: فَاتَّبِعُوهُ تَفْرِيعًا على إِثْبَات الْخَبَر بِأَنَّ صِرَاطَهُ مُسْتَقِيم.

وَقَرَأَ ابْن عَامِرٌ، وَيَعْقُوبُ: «وَأَنْ» -