للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَازَ فِي الْكَذِبِ أَنْ يُجْعَلَ فِي غَيْرِ نُطْقٍ نَحْوَ:

بِأَنْ كَذَبَ الْقَرَاطِفُ وَالْقَرُوفُ (١)

وَاللَّامُ فِي لِوَقْعَتِها لَامُ التَّوْقِيتِ نَحْوُ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الْإِسْرَاء: ٧٨] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطَّلَاق: ١] . وَقَوْلُهُمْ: كَتَبْتُهُ لِكَذَا مَنْ شَهْرِ كَذَا، وَهِيَ بِمَعْنَى (عِنْدَ) وَأَصْلُهَا لَامُ الْاِخْتِصَاصِ شَاعَ اسْتِعْمَالُهَا فِي اخْتِصَاصِ الْمُوَقَّتِ بِوَقْتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا [الْأَعْرَاف: ١٤٣] . وَهُوَ تَوَسُّعٌ فِي مَعْنَى الْاِخْتِصَاصِ بِحَيْثُ تُنُوسِيَ أَصْلُ الْمَعْنَى.

وَفِي الْحَدِيثِ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ:

الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا»

. وَهَذَا الْاِسْتِعْمَالُ غَيْرُ الْاِسْتِعْمَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ [الغاشية: ٦] .

[٣]

[سُورَة الْوَاقِعَة (٥٦) : آيَة ٣]

خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣)

خَبَرَانِ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفِ ضمير الْواقِعَةُ [الْوَاقِعَةُ: ١] ، أَيْ هِيَ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ، أَيْ يَحْصُلُ عِنْدَهَا خَفْضُ أَقْوَامٍ كَانُوا مُرْتَفِعِينَ وَرَفْعُ أَقْوَامٍ كَانُوا مُنْخَفَضَيْنِ وَذَلِكَ بِخَفْضِ الْجَبَابِرَةِ وَالْمُفْسِدِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا فِي رِفْعَةٍ وَسِيَادَةٍ، وَبِرَفْعِ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا لَا يعبأون بِأَكْثَرِهِمْ، وَهِيَ أَيْضًا خَافِضَةُ جِهَاتٍ كَانَتْ مُرْتَفِعَةً كَالْجِبَالِ وَالصَّوَامِعِ، رَافِعَةُ مَا كَانَ مُنْخَفِضًا بِسَبَبِ الْاِنْقِلَابِ بِالرَّجَّاتِ الْأَرْضِيَّةِ.

وَإِسْنَادُ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ إِلَى الْوَاقِعَةِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ إِذْ هِيَ وَقَتُ ظُهُورِ ذَلِكَ. وَفِي قَوْلِهِ:

خافِضَةٌ رافِعَةٌ مُحْسِّنُ الطباق مَعَ الإغراب بِثُبُوتِ الضِّدَّيْنِ لشَيْء وَاحِد.

[٤- ٧]


(١) أَوله: وذبيانية وصت بنيها.
وَهُوَ معقّر بن حمَار الْبَارِقي.
والقرف: الْأَدِيم. والقرطفة: القطيفة المخملة.