للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِقَوْلِهِ قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٤٠] مَعَ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ [٨٣] فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَكَانَ هَلَاكُهُمْ فِي الصَّبَاحِ. وَلَعَلَّ تَخْصِيصَهُمْ بِالذِّكْرِ هُنَا دُونَ عَادٍ خِلَافًا لِمَا تَكَرَّرَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِهِمْ أَظْهَرُ لِبَقَاءِ آثَارِ دِيَارِهِمْ بِالْحِجْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:

وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ

[الصافات: ١٣٧، ١٣٨] .

وَقَوْلُهُ فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا أَيْ جُعِلَ الرَّسُولُ بَيْنَهُمْ وَهُوَ مِنْهُمْ، أَيْ مِنْ قَبِيلَتِهِمْ.

وَضَمِيرُ الْجَمْعِ عَائِدٌ إِلَى قَرْناً لِأَنَّهُ فِي تَأْوِيلٍ (النَّاسِ) كَقَوْلِهِ وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [الحجرات: ٩] .

وعدّي فعل فَأَرْسَلْنا بِ (فِي) دُونَ (إِلَى) لِإِفَادَةِ أَنَّ الرَّسُولَ كَانَ مِنْهُمْ وَنَشَأَ فِيهِمْ لِأَنَّ الْقَرْنَ لَمَّا لَمْ يُعَيَّنْ بِاسْمٍ حَتَّى يُعْرَفَ أَنَّ رَسُولَهُمْ مِنْهُمْ أَوْ وَارِدًا إِلَيْهِمْ مِثْلَ لُوطٍ لِأَهْلِ (سَدُومَ) ، وَيُونُسَ لِأَهْلِ (نِينَوَى) ، وَمُوسَى لِلْقِبْطِ. وَكَانَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ رَسُولَهُمْ مِنْهُمْ مَقْصُودًا إِتْمَامًا لِلْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ حَالِهِمْ وَحَالِ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِم مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَلَامُ رَسُولِهِمْ مِثْلُ كَلَامِ نُوحٍ.

وَ (أَنْ) تَفْسِيرٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ أَرْسَلْنَا مِنْ معنى القَوْل.

[٣٣- ٣٨]

[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (٢٣) : الْآيَات ٣٣ إِلَى ٣٨]

وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٣٤) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (٣٥) هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧)

إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ