للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْإِيمَانِ، دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْإِيمَانِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُصَدِّقَ مُؤْمِنٌ عَلَى أَخِيهِ وَأُخْتِهِ فِي الدِّينِ وَلَا مُؤْمِنَةٌ عَلَى أَخِيهَا وَأُخْتِهَا فِي الدِّينِ قَوْلَ عَائِبٍ وَلَا طَاعِنٍ. وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْمُؤْمِنِ إِذَا سَمِعَ قَالَةً فِي مُؤْمِنٍ أَنْ يَبْنِيَ الْأَمْرَ فِيهَا عَلَى الظَّنِّ لَا عَلَى الشَّكِّ ثُمَّ يَنْظُرَ فِي قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَصَلَاحِيَّةِ الْمَقَامِ فَإِذَا نُسِبَ سوء إِلَى من عُرْفٍ بِالْخَيْرِ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ إِفْكٌ وَبُهْتَانٌ حَتَّى يَتَّضِحَ الْبُرْهَانُ. وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ ظَنَّ السَّوْءِ الَّذِي وَقَعَ هُوَ مِنْ خِصَالِ النِّفَاقِ الَّتِي سَرَتْ لِبَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ غُرُورٍ وَقِلَّةِ بَصَارَةٍ فَكَفَى بِذَلِكَ تَشْنِيعًا لَهُ.

وَهَذَا تَوْبِيخٌ عَلَى عَدَمِ إِعْمَالِهِمُ النَّظَرَ فِي تَكْذِيبِ قَوْلٍ يُنَادِي حَالُهُ بِبُهْتَانِهِ وَعَلَى سُكُوتِهِمْ عَلَيْهِ وَعَدَمِ إِنْكَارِهِ.

وَعَطْفُ وَقالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ تَشْرِيعٌ لِوُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ بِإِنْكَارِ مَا يَسْمَعُهُ الْمُسْلِمُ مِنَ الطَّعْنِ فِي الْمُسْلِمِ بِالْقَوْلِ كَمَا يُنْكِرُهُ بِالظَّنِّ وَكَذَلِكَ تَغْيِيرُ الْمُنْكَرِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ.

وَالْبَاءُ فِي بِأَنْفُسِهِمْ لِتَعْدِيَةِ فِعْلِ الظَّنِّ إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ هُنَا إِلَى وَاحِدٍ إِذْ هُوَ فِي مَعْنَى الِاتِّهَامِ.

وَالْمُبِينُ: الْبَالِغُ الْغَايَةَ فِي الْبَيَانِ، أَيِ الْوُضُوحِ كَأَنَّهُ لِقُوَّةِ بَيَانِهِ قَدْ صَارَ يبين غَيره.

[١٣]

[سُورَة النُّور (٢٤) : آيَة ١٣]

لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣)

اسْتِئْنَافٌ ثَانٍ لِتَوْبِيخِ الْعُصْبَةِ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ وَذَمٌّ لَهُمْ. وَ (لَوْلَا) هَذِهِ مِثْلُ (لَوْلَا) السَّابِقَةِ بِمَعْنَى (هَلَّا) .

وَالْمَعْنَى: أَنَّ الَّذِي يُخْبِرُ خَبَرًا عَنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ يَجِبُ أَنْ يَسْتَنِدَ فِي خَبَرِهِ إِلَى إِخْبَارِ مُشَاهِدٍ، وَيَجِبُ كَوْنُ الْمُشَاهِدِينَ الْمُخْبِرِينَ عَدَدًا يُفِيدُ خَبَرُهُمُ