للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة الْحجر (١٥) : الْآيَات ٥٧ إِلَى ٦٠]

قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٥٧) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٥٨) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٩) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠)

حِكَايَةُ هَذَا الْحِوَارِ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَالْمَلَائِكَةِ- عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- لِأَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ بَيَانِ فَضْلِ إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَبَيْنَ مَوْعِظَةِ قُرَيْشٍ بِمَا حَلَّ بِبَعْضِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبِينَ، انْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- إِلَى سُؤَالِهِمْ عَنْ سَبَبِ نُزُولِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَنْزِلُونَ إِلَّا لِأَمْرٍ عَظِيمٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: مَا تنزل الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ [سُورَة الْحجر: ٨] . وَقَدْ نُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ يَوْمَ بَدْرٍ لِاسْتِئْصَالِ سَادَةِ الْمُشْرِكِينَ وَرُؤَسَائِهِمْ.

وَالْخَطْبُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قالَ مَا خَطْبُكُنَّ فِي [سُورَةِ يُوسُفَ: ٥١] .

وَالْقَوْمُ الْمُجْرِمُونَ هم قوم لوط أهل سَدُومَ وَقُرَاهَا. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي سُورَةِ هُودٍ.

وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي إِلَّا آلَ لُوطٍ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُجْرِمِينَ. وَاسْتِثْنَاءُ إِلَّا امْرَأَتَهُ مُتَّصِلٌ لِأَنَّهَا مِنْ آلِ لُوطٍ.

وَجُمْلَةُ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِبَيَانِ الْإِجْمَالِ الَّذِي فِي اسْتِثْنَاءِ آلِ لُوطٍ مِنْ مُتَعَلِّقِ فِعْلِ أُرْسِلْنا لِدَفْعِ احْتِمَالِ أَنَّهُمْ لَمْ يُرْسَلُوا إِلَيْهِمْ وَلَا أُمِرُوا بِإِنْجَائِهِمْ.

وَفِي قَوْلِهِ: أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِيجَازُ حَذْفٍ. وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى لُوطٍ لِأَجْلِ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، أَيْ لِعَذَابِهِمْ. وَدلّ على ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي إِلَّا آلَ لُوطٍ.