للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والْفَوْزُ: الظَّفَرُ بِالْمَطْلُوبِ، أَيْ حَالُنَا هُوَ النَّجَاحُ وَالظَّفَرُ الْعَظِيمُ. وَقَدْ أُبْدِعَ فِي

تَصْوِيرِ حُسْنِ حَالِهِمْ بِحَصْرِ الْفَوْزِ فِيهِ حَتَّى كَانَ كُلُّ فَوْزٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ لَيْسَ بِفَوْزٍ، فَالْحَصْرُ لِلْمُبَالَغَةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِغَيْرِهِ ثُمَّ أَلْحَقُوا ذَلِكَ الْحَصْرَ بِوَصْفِهِ ب الْعَظِيمُ.

[٦١]

[سُورَة الصافات (٣٧) : آيَة ٦١]

لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١)

هَذَا تَذْيِيلٌ لِحِكَايَةِ حَالِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلِصِينَ فَهُوَ كَلَامٌ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى لِلتَّنْوِيهِ بِمَا فِيهِ عِبَادُ اللَّهِ الْمُخَلِصُونَ، وَلِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْعَمَلِ بِمِثْلِ مَا عَمِلُوهُ مِمَّا أَوْجَبَ لَهُمْ إِخْلَاصَ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، فَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: لِمِثْلِ هَذَا إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ [الصافات: ٤١] الْآيَاتِ، أَيْ لِمِثْلِ نَعِيمِهِمْ وَأُنْسِهِمْ وَمَسَرَّتِهِمْ وَلَذَّاتِهِمْ وَبَهْجَتِهِمْ وَخُلُودِ ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَالْمُرَادُ بِمِثْلِهِ: نَظِيرُهُ مِنْ نَعِيمٍ لِمُخْلِصِينَ آخَرِينَ. وَالْمُرَادُ بِالْعَامِلِينَ: الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْخَيْرَ وَيَسِيرُونَ عَلَى مَا خَطَّتْ لَهُمْ شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ، فَحَذَفَ مَفْعُولَ «يَعْمَلِ» اخْتِصَارًا لِظُهُورِهِ مِنَ الْمَقَامِ.

وَاللَّامُ فِي لِمِثْلِ لَامُ التَّعْلِيلِ. وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى عَامِلِهِ لِإِفَادَةِ الْقَصْرِ، أَيْ لَا لِعَمَلِ غَيره، وَهُوَ قصر قَلْبٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ أَعْمَالًا صَالِحَةً يَتَفَاخَرُونَ بِهَا مِنَ الْمَيْسِرِ، قَالَ تَعَالَى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [الْكَهْف: ١٠٣- ١٠٤] .

وَالْمَعْنَى: لِنَوَالِ مِثْلَ هَذَا، فَحذف مُضَاف لِدَلَالَةِ اللَّامِ عَلَى مَعْنَاهُ.

وَالْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى مَضْمُونِ الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ [الصافات: ٤٠] الْآيَاتِ.

وَالْأَمْرُ فِي فَلْيَعْمَلِ لِلْإِرْشَادِ الصَّادِقِ بالواجبات والمندوبات.