للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْ لَيْسَ لَهُمْ وَلِيٌ دُونَ اللَّهِ وَلَا شَفِيعٌ دُونَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا.

وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا شُفَعَاءَ وَأَوْلِيَاءَ غَيْرَ اللَّهِ.

وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ الشَّفَاعَةِ بِإِذْنِ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الْبَقَرَة: ٢٥٥] . وَلِصَاحِبِ «الْكَشَّافِ» هُنَا تَكَلُّفَاتٌ فِي مَعْنَى يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا وَفِي جَعْلِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ يُحْشَرُوا حَالًا لَازِمَةً، وَلَعَلَّهُ يَرْمِي بِذَلِكَ إِلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِ فِي إِنْكَارِ الشَّفَاعَةِ.

وَقَوْلُهُ: لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ رَجَاءٌ مَسُوقٌ مَسَاقَ التَّعْلِيلِ لِلْأَمْرِ بِإِنْذَارِ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ يُرْجَى تَقْوَاهُمْ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يُؤمنُونَ بِالْبَعْثِ.

[٥٢]

[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : آيَة ٥٢]

وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)

عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ [الْأَنْعَام: ٥١] لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى أَنْذَرَهُمْ وَلَازَمَهُمْ وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ مُتَكَبِّرُو الْمُشْرِكِينَ. فَقَدْ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ هُنَا صِلَةٌ أُخْرَى هِيَ أَنْسَبُ بِهَذَا الْحُكْمِ مِنَ الصِّلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، كَمَا أَنَّ تِلْكَ أَنْسَبُ بِالْحُكْمِ الَّذِي اقْتَرَنَتْ مَعَهُ مِنْهَا بِهَذَا، فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقَ الْإِضْمَارِ، فَيُقَالُ: وَلَا تَطْرُدْهُمْ، فَإِنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ فَأَوْلَى النَّاسِ بِمُلَازَمَتِهِ الَّذِينَ هِجِّيرَاهُمْ دُعَاءُ اللَّهِ تَعَالَى بِإِخْلَاصٍ فَكَيْفَ يَطْرُدُهُمْ فَإِنَّهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ [آل عمرَان: ٦٨] .

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيءِ سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيءِ: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا. قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، وَبِلَالٌ، وَرَجُلَانِ، لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ آهـ. وَسَمَّى الْوَاحِدِيُّ بَقِيَّةَ السِّتَّةِ: وَهُمْ صُهَيْبٌ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَالْمِقْدَادُ